والضمير في قوله : ١٦ - ﴿ يهدي به ﴾ راجع إلى الكتاب أو إليه وإلى النور لكونهما كالشيء الواحد ﴿ من اتبع رضوانه ﴾ أي ما رضيه الله و ﴿ سبل السلام ﴾ طرق السلامة من العذاب الموصلة إلى السلام المنزهة عن كل آفة وقيل المراد بالسلام : الإسلام ﴿ ويخرجهم من الظلمات ﴾ الكفرية ﴿ إلى النور ﴾ الإسلامي ﴿ ويهديهم إلى صراط مستقيم ﴾ إلى طريق يتوصلون بها إلى الحق لا عوج فيها ولا مخافة
وقد أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله :﴿ رسولنا ﴾ قال : هو محمد صلى الله عليه و سلم وأخرج ابن جرير أيضا عن عكرمة قال :[ إن نبي الله صلى الله عليه و سلم أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال : أيكم أعلم ؟ فأشاروا إلى ابن صوريا فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى والذي رفع الطور بالمواثيق التي أخذت عليهم حتى أخذه أفكل فقال : إنه لما كثير فينا جلدنا مائة جلدة وحالقنا الرؤوس فحكم عليهم بالرجم فنزلت هذه الآية ] وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج نحوه وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ ويعفو عن كثير ﴾ يقول عن كثير من الذنوب وأخرج ابن جرير عن السدي قال :﴿ سبل السلام ﴾ هي سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه وابتعث به رسله : وهو الإسلام
ضمير الفصل في قوله : ١٧ - ﴿ هو المسيح ﴾ يفيد الحصر قيل وقد قال بذلك بعض طوائف النصارى وقيل لم يقبل به أحد منهم ولكن استلزم قولهم :﴿ إن الله هو المسيح ﴾ لا غيره وقد تقدم في آخر سورة النساء ما يكفي ويغني عن التكرار قوله :﴿ قل فمن يملك من الله شيئا ﴾ الاستفهام للتوبيخ والتقريع والملك والملك : الضبط والحفظ والقدرة من قولهم ملكت على فلان أمره : أي قدرت عليه : أي فمن يقدر أن يمنع ﴿ إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ﴾ وإذا لم يقدر أحد أن يمنع من ذلك فلا إله إلا الله ولا رب غيره ولا معبود بحق سواه ولو كان المسيح إلها كما تزعم النصارى لكان له من الأمر شيء ولقدر على أن يدفع عن نفسه أقل حال ولم يقدر على أن يدفع عن أمه الموت عند نزوله بها وتخصيصها بالذكر مع دخولها في عموم من في الأرض لكون الدفع منه عنها أولى وأحق من غيرها فهو إذا لم يقدر على الدفع عنها أعجز عن أن يدفع عن غيرها وذكر من في الأرض للدلالة على شمول قدرته وأنه إذا أراد شيئا كان لا معارض له في أمره ولا مشارك له في قضائه ﴿ ولله ملك السموات والأرض وما بينهما ﴾ أي ما بين النوعين من المخلوقات قوله :﴿ يخلق ما يشاء ﴾ جملة مستأنفة مسوقة لبيان أنه سبحانه خالق الخلق بحسب مشيئته وأنه يقدر على كل شيء لا يستصعب عليه شيء


الصفحة التالية
Icon