١١٨ - ﴿ إن تعذبهم فإنهم عبادك ﴾ تصنع بهم ما شئت وتحكم فيهم بما تريد ﴿ وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ﴾ أي القادر على ذلك الحكيم في أفعاله قيل قاله على وجه الاستعطاف كما يستعطف السيد لعبده ولهذا لم يقل إن تعذبهم فإنهم عصوك وقيل قاله على وجه التسليم لأمر الله والانقياد له ولهذا عدل عن الغفور الرحيم إلى العزيز الحكيم
قوله : ١١٩ - ﴿ قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾ أي صدقهم في الدنيا وقيل في الآخرة والأول أولى قرأ نافع وابن محيصن ﴿ يوم ﴾ بالنصب وقرأ الباقون بالرفع فوجه النصب أنه ظرف للقول : أي قال الله هذا القول يوم ينفع الصادقين ووجه الرفع أنه خبر للمبتدأ هو وما أضيف إليه وقال الكسائي نصب ﴿ يوم ﴾ ها هنا لأنه مضاف إلى الجملة وأنشد :
( على حين عاتبت المشيب على الصبا | وقلت ألما أصح والشيب وازع ) |
قوله : ١٢٠ - ﴿ لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير ﴾ جاء سبحانه بهذه الخاتمة دفعا لما سبق من إثبات من أثبت إلهية عيسى وأمه وأخبر بأن ملك السموات والأرض له دون عيسى وأمه ودون سائر مخلوقاته وأنه القادر على كل شيء دون غيره وقيل المعنى : أن له ملك السموات والأرض يعطي الجنات للمطيعين جعلنا الله منهم
وقد أخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال : تلقى عيسى حجته والله لقاه في قوله :﴿ وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ﴾ قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم فلقاه الله سبحانه :﴿ ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ﴾ الآية وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : يقول الله هذا يوم القيامة ألا ترى أنه يقول :﴿ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾ وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : قال الله ذلك لما رفع عيسى إليه وقالت النصارى ما قالت وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله :﴿ أن اعبدوا الله ربي وربكم ﴾ قال : سيدي وسيدكم وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كنت أنت الرقيب عليهم ﴾ قال : الحفيظ وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :﴿ وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ﴾ قال : ما كنت فيهم وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس ﴿ إن تعذبهم فإنهم عبادك ﴾ يقول : عبيدك قد استوجبوا العذاب بمقالتهم ﴿ وإن تغفر لهم ﴾ أي من تركت منهم ومد في عمره حتى أهبك من السماء إلى الأرض لقتل الدجال فزالوا عن مقالتهم ووحدوك ﴿ فإنك أنت العزيز الحكيم ﴾ وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله ﴿ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾ يقول : هذا يوم ينفع الموحدين توحيدهم