قوله : ١٠٤ - ﴿ وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين ﴾ أخبره بأنه مرسل من الله إليه وجعل ذلك عنوانا لكلامه معه لأن من كان مرسلا من جهة من هو رب العالمين أجمعين فهو حقيق بالقبول لما جاء به كما يقول من أرسله الملك في حاجة إلى رعيته : أنا رسول الملك إليكم ثم يحكي ما أرسل به فإن في ذلك من تربية المهابة وإدخال الروعة ما لا يقادر قدره
قوله : ١٠٥ - ﴿ حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق ﴾ قرئ ( حقيق علي أن لا أقول ) : أي واجب علي ولازم لي أن لا أقول فيما أبلغكم عن الله إلا القول الحق وقرئ ﴿ حقيق على أن لا أقول ﴾ بدون ضمير في علي قيل : في توجيهه أن على معنى الباء : أي حقيق بأن لا أقول ويؤيده قراءة أبي والأعمش فإنهما قرآ ( حقيق بأن لا أقول ) وقيل : إن ﴿ حقيق ﴾ مضمن معنى حريص وقيل : إنه لما كان لازما للحق كان الحق لازما له فقول الحق حقيق عليه وهو حقيق على قول الحق وقيل : إنه أغرق في وصف نفسه في ذلك المقام حتى جعل نفسه حقيقة على قول الحق كأنه وجب على الحق أن يكون موسى هو قائله وقرأ عبد الله بن مسعود حقيق أن لا أقول بإسقاط على ومعناه واضح ثم قال بعد هذا :﴿ قد جئتكم ببينة من ربكم ﴾ أي بما يتبين به صدقي وأني رسول من رب العالمين وقد طوى هنا ذكر ما دار بينهما من المحاورة كما في موضع آخر أنه قال فرعون ﴿ فمن ربكما يا موسى ﴾ ثم قال بعد جواب موسى ﴿ وما رب العالمين ﴾ الآيات الحاكية لما دار بينهما قوله :﴿ فأرسل معي بني إسرائيل ﴾ أمره بأن يدع بني إسرائيل يذهبون معه ويرجعون إلى أوطانهم وهي الأرض المقدسة وقد كانوا باقين لديه مستعبدين ممنوعين من الرجوع إلى وطنهم والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها
فلما قال ذلك ١٠٦ - ﴿ قال ﴾ له فرعون ﴿ إن كنت جئت بآية ﴾ من عند الله كما تزعم ﴿ فأت بها ﴾ حتى نشاهدها وننظر فيها ﴿ إن كنت من الصادقين ﴾ في هذه الدعوى التي جئت بها


الصفحة التالية
Icon