وقرأ الحسن طيرهم قوله : ١٣٢ - ﴿ وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ﴾ قال الخليل : أصل مهما ما الشرطية زيدت عليه ما التي للتوكيد كما تزاد في سائر الحروف مثل : حيثما وأينما وكيفما ومتى ما ولكنهم كرهوا اجتماع المثلين فأبدلوا ألف الأولى هاء وقال الكسائي : أصله مه : أي اكفف ما تأتينا به من آية وزيدت عليها ما الشرطية وقيل : هي كلمة مفردة يجازي بها ومحل مهما الرفع على الابتداء أو النصب بفعل يفسره ما بعدها و من آية لبيان مهما وسموها آية استهزاء بموسى كما يفيده ما بعده وهو ﴿ لتسحرنا بها ﴾ أي لتصرفنا عما نحن عليه كما يفعله السحرة بسحرهم والضمير في به عائد إلى مهما والضمير في بها عائد إلى آية وقيل : إنهما جميعا عائدان إلى مهما وتذكير الأول باعتبار اللفظ وتأنيث الثاني باعتبار المعنى ﴿ فما نحن لك بمؤمنين ﴾ جواب الشرط : أي فما نحن لك بمصدقين : أخبروا عن أنفسهم أنهم لا يؤمنون بشيء مما يجيء به من الآيات التي هي في زعمهم من السحر
فعند ذلك نزلت بهم العقوبة من الله عز و جل المبينة بقوله : ١٣٣ - ﴿ فأرسلنا عليهم الطوفان ﴾ وهو المطر الشديد قال الأخفش : واحدة طوفانة وقيل : هو مصدر كالرجحان والنقصان فلا واحد له وقيل الطوفان : الموت وقال النحاس : الطوفان في اللغة ما كان مهلكا من موت أو سيل : أي ما يطيف بهم فيهلكهم ﴿ والجراد ﴾ هو الحيوان المعروف أرسله الله لأكل زروعهم فأكلها ﴿ والقمل ﴾ قيل : هي الدباء والدباء الجراد قبل أن تطير وقيل : هي السوس وقيل البراغيث وقيل دواب سود صغار وقيل ضرب من القردان وقيل الجعلان قال النحاس : يجوز أن تكون هذه الأشياء كلها أرسلت عليهم وقرأ الحسن القمل بفتح القاف وإسكان الميم وقرأ الباقون بضم القاف وفتح الميم مشددة وقد فسر عطاء الخراساني القمل بالقمل ﴿ والضفادع ﴾ جمع ضفدع وهو الحيوان المعروف الذي يكون في الماء ﴿ والدم ﴾ روي أنه سال النيل عليهم دما وقيل هو الرعاف قوله :﴿ آيات مفصلات ﴾ أي مبينات قال الزجاج : هو منصوب على الحال والمعنى : أرسلنا عليهم هذه الأشياء حال كونها آيات بينات ظاهرات ﴿ فاستكبروا ﴾ أي ترفعوا عن الإيمان بالله ﴿ وكانوا قوما مجرمين ﴾ لا يهتدون إلى حق ولا ينزعون عن باطل