قوله : ١٧٧ - ﴿ ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا ﴾ هذه الجملة متضمنة لبيان حال هؤلاء القوم البالغة في القبح إلى الغاية : يقال : ساء الشيء قبح فهو لازم وساءه يسوؤه مساءة : فهو متعد وهو من أفعال الذم : كبئس وفاعله ضمير مستتر فيه ومثلا تمييز مفسر له والمخصوص بالذم هو الذين كذبوا بآياتنا ولا بد من تقدير مضاف محذوف لأجل المطابقة أي ساء مثلا مثل القوم الذين كذبوا وقال الأخفش : جعل المثل القوم مجازا والقوم مرفوع بالابتداء أو على إضمار مبتدأ التقدير : ساء المثل مثلا هو مثل القوم كذا قال وقدره أبو علي الفارسي : ساء مثلا مثل القوم كما قدمنا وقرأ الجحدري والأعمش ﴿ ساء مثلا القوم ﴾ قوله :﴿ وأنفسهم كانوا يظلمون ﴾ أي ما ظلموا بالتكذيب إلا أنفسهم لا يتعداها ظلمهم إلى غيرها ولا يتجاوزها والجملة معطوفة على التي قبلها على معنى أنهم جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم أنفسهم
١٧٨ - ﴿ من يهد الله فهو المهتدي ﴾ لما أمر به وشرعه لعباده ﴿ ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون ﴾ الكاملون في الخسران من هداه فلا مضل له ومن أضله فلا هادي له : ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن
وقد أخرج الفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن مسعود في قوله :﴿ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ﴾ قال : هو رجل من بني إسرائيل يقال له : بلعم بن آبز وأخرج ابن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : هو بلعم بن باعوراء وفي لفظ : بلعام بن باعر الذي أوتي الاسم كان في بني إسرائيل وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ﴾ قال : هو رجل من مدينة الجبارين يقال له : بلعم تعلم اسم الله الأكبر فلما نزل بهم موسى أتاه بنو عمه وقومه فقالوا : إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا يهلكنا فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه قال : إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه مضت دنياي وآخرتي فلم يزالوا به حتى دعا الله فسلخ ما كان فيه وفي قوله :﴿ إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ﴾ قال : إن حمل الحكمة لم يحملها وإن ترك لم يهت لخير كالكلب إن كان رابضا لهث وإن يطرد لهث وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في الآية قال : هو رجل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن وكانت له امرأة له منها ولد فقالت : اجعل لي منها واحدة قال : فلك واحدة فما الذي تريدين ؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل فدعا الله فجعلها أجمل امرأة في بني إسرائيل فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا آخر فدعا الله أن يجعلها كلبة فصارت كلبة فذهبت دعوتان فجاء بنوها فقالوا : ليس بنا على هذا قرار قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليه فدعا الله فعادت كما كانت فذهبت الدعوات الثلاث وسميت البسوس وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو في الآية قال : هو أمية بن أبي الصلت الثقفي وفي لفظ : نزلت في صاحبكم أمية بن أبي الصلت وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عنه نحوه وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن الشعبي في هذه الآية قال : قال ابن عباس : هو رجل من بني إسرائيل يقال له بلعام بن باعوراء وكانت الأنصار تقول : هو ابن الراهب الذي بنى له مسجد الشقاق وكانت ثقيف تقول : هو أمية بن أبي الصلت وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هو صيفي بن الراهب وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله :﴿ فانسلخ منها ﴾ قال : نزع منه العلم وفي قوله :﴿ ولو شئنا لرفعناه بها ﴾ قال : رفعه الله بعلمه وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر بن عبد الله قال :[ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في خطبته يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول : من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ] ثم يقول :[ بعثت أنا والساعة كهاتين ]


الصفحة التالية
Icon