سورة هود
هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر قال ابن عباس وقتادة : إلا آية وهي قوله :﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار ﴾ وأخرج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة هود بمكة وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله وأخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر والبيهقي في الشعب عن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ اقرأوا هود يوم الجمعة ] وأخرج ابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر من طريق مسروق عن أبي بكر الصديق قال : قلت : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب فقال :[ شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ] وأخرجه البزار وابن مردويه من طرق أنس عنه مرفوعا بلفظ : قلت : يا رسول الله عجل إليك الشيب قال :[ شيبتني هود وأخواتها والواقعة والحاقة وعم يتساءلون وهل أتاك حديث الغاشية ] وأخرجه سعيد بن منصور وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لقد عجل إليك الشيب فقال :[ شيبتني هود وأخواتها من المفصل ] وأخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : قال أبو بكر يا رسول الله قد شبت قال :[ شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ] وأخرج ابن عساكر من طريق عطاء عنه أن الصحابة قالوا : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب قال :[ أجل شيبتني هود وأخواتها ] قال عطاء : وأخواتها : اقتربت الساعة والمرسلات وإذا الشمس كورت وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أسرع إليك الشيب قال :[ شيبتني هود وأخواتها : الواقعة وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ] وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ شيبتني هود وأخواتها : الواقعة والحاقة وإذا الشمس كورت ] وأخرجا أيضا عن ابن مسعود : أن أبا بكر قال : يا رسول الله ما شيبك ؟ قال :[ هود والواقعة ] وفي إسناده عمرو بن ثابت وهو متروك وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عقبة بن عامر أن رجلا قال : يا رسول الله قد شبت قال :[ شيبتني هود وإذا الشمس كورت وأخواتها ] وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أبي جحيفة قال : قالوا : يا رسول الله نراك قد شبت قال :[ شيبتني هود وأخواتها ] وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له أصحابه : قد أسرع إليك الشيب قال :[ شيبتني هود وأخواتها من المفصل ] وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :[ شيبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبل ]
قوله : ١ - ﴿ الر ﴾ إن كان مسرودا على سبيل التعديد كما في سائر فواتح السور فلا محل له وإن كان اسما للسورة فهو في محل رفع على أنه مبتدأ خبره ما بعده أو خبر مبتدأ محذوف و ﴿ كتاب ﴾ يكون على هذا الوجه خبرا لمبتدأ محذوف : أي هذا كتاب وكذا على تقدير أن ﴿ الر ﴾ لا محل له ويجوز أن يكون ﴿ الر ﴾ في محل نصب بتقدير فعل يناسب المقام نحو : اذكر أو اقرأ فيكون كتاب على هذا الوجه خبر مبتدأ محذوف والإشارة في المبتدأ المقدر إما إلى بعض القرآن أو إلى مجموع القرآن ومعنى ﴿ أحكمت آياته ﴾ صارت محكمة متقنة لا نقص فيها ولا نقض لها كالبناء المحكم وقيل معناه : إنها لم تنسخ بخلاف التوراة والإنجيل وعلى هذا فيكون هذا الوصف للكتاب باعتبار الغالب وهو المحكم الذي لم ينسخ وقيل معناه : أحكمت آياته بالأمر والنهي ثم فصلت بالوعد والوعيد والثواب والعقاب وقيل : أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بالحلال والحرام وقيل : أحكمت جملته ثم فصلت آياته وقيل : جمعت في اللوح المحفوظ ثم فصلت بالوحي وقيل : أيدت بالحجج القاطعة الدالة على كونها من عند الله وقيل : معنى إحكامها أن لا فساد فيها أخذا من قولهم أحكمت الدابة : إذا وضعت عليها الحكمة لتمنعها من الجماح و ﴿ ثم فصلت ﴾ معطوف على أحكمت ومعناه ما تقدم والتراخي المستفاد من ثم إما زماني إن فسر التفصيل بالتنجيم على حسب المصالح وإما رتبي إن فسر بغير مما تقدم والجمل في محل رفع على أنها صفة لكتاب أو خبر آخر للمبتدأ أو خبر لمبتدأ محذوف وفي قوله :﴿ من لدن حكيم خبير ﴾ لف ونشر لأن المعنى : أحكمها حكيم وفصلها خبير عالم بمواقع الأمور
ثم أكد دلائل قدرته بالتعرض لذكر خلق السموات والأرض وكيف كان الحال قبل خلقها فقال : ٧ - ﴿ وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ﴾ قد تقدم بيان هذا في الأعراف قيل : والمراد بالأيام الأوقات : أي في ستة أوقات كما في قوله :﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ وقيل : مقدار ستة أيام ولا يستقيم أن يكون المراد بالأيام هنا الأيام المعروفة وهي المقابلة لليالي لأنه لم يكن حينئذ لا أرض ولا سماء وليس اليوم إلا عبارة عن مدة كون الشمس فوق الأرض وكان خلق السموات في يومين والأرضين في يومين وما عليهما من أنواع الحيوان والنبات والجماد في يومين كما سيأتي في حم السجدة قوله :﴿ وكان عرشه على الماء ﴾ أي كان قبل خلقهما عرشه على الماء وفيه بيان تقدم خلق العرش والماء على السموات والأرضين قوله :﴿ ليبلوكم أيكم أحسن عملا ﴾ اللام متعلقة بخلق : أي خلق هذه المخلوقات ليبتلي عباده بالاعتبار والتفكر والاستدلال على كمال قدرته وعلى البعث والجزاء أيهم أحسن عملا من غيره ويدخل في العمل الاعتقاد لأنه من أعمال القلب وقيل : المراد بالأحسن عملا الأتم عقلا وقيل : الأزهد في الدنيا وقيل : الأكثر شكرا وقيل : الأتقى لله قوله :﴿ ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ﴾ ثم لما كان الابتلاء يتضمن حديث البعث أتبع ذلك بذكره والمعنى : لئن قلت لهم يا محمد على ما توجبه قضية الابتلاء إنكم مبعوثون من بعد الموت فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ليقولن الذين كفروا من الناس إن هذا الذي تقوله يا محمد إلا باطل كبطلان السحر وخدع كخدعه ويجوز أن تكون الإشارة بهذا إلى القرآن لأنه المشتمل على الإخبار بالبعث وقرأ حمزة والكسائي ﴿ إن هذا إلا سحر ﴾ يعنون النبي صلى الله عليه و سلم وكسرت إن من قوله :﴿ إنكم ﴾ لأنها بعد القول وحكى سيبويه الفتح على تضمين قلت معنى ذكرت أو على أن بمعنى عل : أي ولئن قلت لعلكم مبعوثون على أن الرجاء باعتبار حال المخاطبين : أي توقعوا ذلك ولا تبتوا القول بإنكاره