قوله : ٢ - ﴿ أن لا تعبدوا إلا الله ﴾ مفعول له حذف منه اللام : كذا في الكشاف وفيه أنه ليس بفعل لفاعل الفعل المعلل وقيل : أن هي المفسرة لما في التفصيل من معنى القول وقيل : هو كلام مبتدأ منقطع عما قبله محكيا على لسان النبي صلى الله عليه و سلم قال الكسائي والفراء : التقدير أحكمت بأن لا تعبدوا إلا الله وقال الزجاج : أحكمت ثم فصلت لئلا تعبدوا إلا الله ثم أخبرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بأنه نذير وبشير فقال :﴿ إنني لكم منه نذير وبشير ﴾ أي ينذرهم ويخوفهم من عذابه لمن عصاه ويبشرهم بالجنة والرضوان لمن أطاعه والضمير في منه راجع إلى الله سبحانه : أي إنني لكم نذير وبشير من جهة الله سبحانه وقيل : هو من كلام الله سبحانه كقوله :﴿ ويحذركم الله نفسه ﴾
قوله : ٣ - ﴿ وأن استغفروا ربكم ﴾ معطوف على أن لا تعبدوا والكلام في أن هذه كالكلام في التي قبلها وقوله :﴿ ثم توبوا إليه ﴾ معطوف على استغفروا وقدم الإرشاد إلى الاستغفار على التوبة لكونه وسيلة إليها وقيل : إن التوبة من متممات الاستغفار وقيل : معنى استغفروا توبوا ومعنى توبوا : أخلصوا التوبة واستقيموا عليها وقيل : استغفروا من سالف الذنوب ثم توبوا من لاحقها وقيل : استغفروا من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة قال الفراء : ثم هاهنا بمعنى الواو : أي وتوبوا إليه لأن الاستغفار هو التوبة والتوبة هي الاستغفار وقيل : إنما قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب والتوبة هي السبب إليها وما كان آخرا في الحصول كان أولا في الطلب وقيل : استغفروا في الصغائر وتوبوا إليه في الكبائر ثم رتب على ما تقدم أمرين الأول :﴿ يمتعكم متاعا حسنا ﴾ أصل الإمتاع الإطالة ومنه أمتع الله بك فمعنى الآية : يطول نفعكم في الدنيا بمنافع حسنة مرضية من سعة الرزق ورغد العيش ﴿ إلى أجل مسمى ﴾ إلى وقت مقدر عند الله وهو الموت وقيل القيامة وقيل دخول الجنة والأول أولى والأمر الثاني قول :﴿ ويؤت كل ذي فضل فضله ﴾ أي يعط كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله : أي جزاء فضله إما في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا والضمير في فضله راجع إلى كل ذي فضل وقيل : راجع إلى الله سبحانه على معنى أن الله يعطي كل من فضلت حسناته فضله الذي يتفضل به على عباده ثم توعدهم على مخالفة الأمر فقال :﴿ وإن تولوا ﴾ أي تتولوا وتعرضوا عن الإخلاص في العبادة والاستغفار والتوبة ﴿ فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ﴾ وهو يوم القيامة ووصفه بالكبر لما فيه من الأهوال وقيل : اليوم الكبير يوم بدر
ثم بين سبحانه عذاب اليوم الكبير بقوله : ٤ - ﴿ إلى الله مرجعكم ﴾ أي رجوعكم إليه بالموت ثم البعث ثم الجزاء لا إلى غيره ﴿ وهو على كل شيء قدير ﴾ ومن جملة ذلك عذابكم على عدم الامتثال وهذه الجملة مقررة لما قبلها