٨٩ - ﴿ وقل إني أنا النذير المبين ﴾ أي المنذر المظهر لقومه ما يصيبهم من عذاب الله
٩٠ - ﴿ كما أنزلنا على المقتسمين ﴾ قيل المفعول محذوف : أي مفعول أنزلنا والتقدير : كما أنزلنا على المقتسمين عذابا فيكون المعنى : إني أنا النذير المبين لكم من عذاب مثل عذاب المقتسمين الذي أنزلناه عليهم كقوله تعالى :﴿ أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ﴾ وقيل إن الكاف زائدة والتقدير : إني أنا النذير المبين أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين من العذاب وقيل هو متعلق بقوله :﴿ ولقد آتيناك ﴾ أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون والأولى أن يتعلق بقوله :﴿ إني أنا النذير المبين ﴾ لأنه في قوة الأمر بالإنذار وقد اختلف في المقتسمين من هم ؟ فقال الفراء : هم ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا أنقاب مكة وفجاجها يقولون لمن دخلها : لا تغتروا بهذا الخارج فينا فإنه مجنون وربما قالوا ساحر وربما قالوا شاعر وربما قالوا كاهن فقيل لهم مقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق وقيل إنهم قوم من قريش اقتسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعرا وبعضه سحرا وبعضه كهانة وبعضه أساطير الأولين قاله قتادة وقيل هم أهل الكتاب وسموا مقتسمين لأنهم كانوا يقتسمون القرآن استهزاء فيقول بعضهم هذه السورة لي وهذه لك روي هذا عن ابن عباس وقيل إنهم قسموا كتابهم وفرقوه وبددوه وحرفوه وقيل المراد قوم صالح تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين كما قال تعالى :﴿ تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ﴾ وقيل تقاسموا أيمانا تحالفوا عليها قاله الأخفش وقيل إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ومنبه بن الحجاج ذكره الماوردي
٩١ - ﴿ الذين جعلوا القرآن عضين ﴾ جمع عضة وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أجزاء فيكون المعنى على هذا : الذين جعلوا القرآن أجزاء متفرقة بعضه شعر وبعضه سحر وبعضه كهانة ونحو ذلك وقيل هو مأخوذ من عضته إذا بهته فالمحذوف منه الهاء لا الواو وجمعت العضة على المعنيين جمع العقلاء لما لحقها من الحذف فجعلوا ذلك عوضا عما لحقها من الحذف وقيل معنى عضين إيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم ببعض ومما يؤيد أن معنى عضين التفريق قول رؤية :
( وليس دين الله بالعضين )
أي بالمفرق وقيل العضة والعضين في لغة قريش السحر : وهم يقولون للساحر عاضه وللساحرة عاضهة ومنه قول الشاعر :

( أعوذ بربي من النافثات في عقد العاضهة والعضه )
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن العاضهة والمستعضهة وفسر بالساحرة والمستسحرة والمعنى : أنهم أكثروا البهت على القرآن وسموه سحرا وكذبا وأساطير الأولين ونظير عضة في النقصان شفة والأصل شفهة وكذلك سنة والأصل سنهة قال الكسائي : العضة : الكذب والبهتان : وجمعها عضون وقال الفراء : إنه مأخوذ من العضاه وهي شجر يؤذي ويجرح كالشوك ويجوز أن يراد بالقرآن التوراة والإنجيل لكونهما مما يقرأ ويراد بالمقتسمين هم اليهود والنصارى : أي جعلوهما أجزاء متفرقة وهو أحد الأقوال المتقدمة


الصفحة التالية
Icon