مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تتجلى أروع مظاهر العناية بالقرآن الكريم التي قامت بها المملكة العربية السعودية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
فعندما كثرت الطبعات التجارية وغيرها للمصحف الشريف، والتي لم تَحْظَ بالعناية الكافية من التدقيق والضبط وحسن الطباعة والإخراج، وفَّق الله ولاة الأمر في هذه البلاد لإنشاء مجمع لطباعة المصحف الشريف، وزوّد بأرقى التجهيزات الطباعية الحديثة، وأمهر الفنيين المختصين في مجال الطباعة.
ووقع الاختيار على مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، لتكون مقرًّا لهذه المنشأة العظيمة؛ لمكانتها في نفوس المسلمين، ولأنها عاصمة الإسلام الأولى التي تنزل فيها الوحي على خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وشع منها نور القرآن فأضاء أنحاء المعمورة.
واتفق على تسمية المصحف الذي يتم طبعه في هذا المجمع بمصحف المدينة النبوية؛ تيمنًا بهذه البقعة المباركة.
ففي السادس عشر من شهر المحرم عام ١٤٠٣هـ‍، تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بوضع حجر الأساس لهذا المشروع العملاق، وقال عند وضع حجر الأساس: ((بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بركة الله العلي القدير، إننا نرجو أن يكون هذا المشروع خيرًا وبركة لخدمة القرآن الكريم أولا والإسلام والمسلمين ثانيًا، راجيًا من الله العلي القدير العون والتوفيق في أمورنا الدينية والدنيوية، وأن يوفق هذا المشروع الكبير لخدمة ما أنشئ من أجله، وهو القرآن الكريم، لينتفع به المسلمون، وليتدبروا معانيه)).
وفي السادس من شهر صفر عام ١٤٠٥هـ، الموافق ٣٠ أكتوبر ١٩٨٤ كان حدثًا عظيمًا أثلج صدور المسلمين عندما أزاح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز الستار إيذانًا بتشغيل المجمع، بعد أن اكتمل بناؤه وتجهيزاته الفنية والبشرية، وسطر في سجل المجمع الكلمات التالية: ((لقد كنت قبل سنتين في هذا المكان لوضع حجر الأساس لهذا المشروع العظيم، وفي هذه المدينة التي كانت أعظم مدينة فرح أهلها بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا خير عون له في شدائد الأمور، وانطلقت منها الدعوة، دعوة الخير والبركة للعالم أجمع. وفي هذا اليوم أجد أن ما كان حلمًا يتحقق على أفضل مستوى، ولذلك يجب على كل مواطن في المملكة العربية السعودية أن يشكر الله على هذه النعمة الكبرى، وأرجو أن يوفقني الله أن أقوم بخدمة ديني ثم وطني، وجميع المسلمين، وأرجو من الله التوفيق)).
يقع المجمع في الشمال الغربي من المدينة المنورة على طريق تبوك، على مساحة تقدر بمئتين وخمسين ألف متر مربع، وهو عبارة عن وحدة عمرانية متكاملة في مرافقها المختلفة، حيث يضم مسجدًا، ومبنى للإدارة، وساحة كبيرة للطباعة، ومستودعات للمواد الأولية، ومستودعات للإنتاج التام، ومجموعة من الوحدات السكنية للموظفين غير المتزوجين، ومجموعة من الفلل السكنية لكبار الموظفين، ومركزًا للتسوق، ومطاعم، وملاعب رياضية، ومكاتب بريد ومستوصفًا وغير ذلك من المرافق.
أما أهم أهدافه فهي:
١. طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي.
٢. ترجمة وطباعة معاني وتفسير القرآن الكريم إلى أهم وأوسع اللغات انتشارًا.
٣. تسجيل تلاوة القرآن الكريم بأصوات مشاهير القراء.
٤. إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم، والسنة والسيرة النبوية المطهرة.
٥. نشر إصدارات المجمع على الشبكات العالمية.
٦. تلبية حاجة المسلمين في الداخل والخارج من إصداراته المختلفة.
طُبع المصحف الشريف في المجمع برواية حفص عن عاصم، وهي الرواية التي يُقرأ بها في معظم بلاد العالم الإسلامي، وكتب هذا المصحف على قواعد الرسم العثماني، وضُبط على ما قرره علماء الضبط مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، وعدد آياته ٦٢٣٦ آية وفقًا للعدد الكوفي، ومجموع صفحات ٦٠٤ صفحة تنتهي كل صفحة بآية، وطبع بأحجام مختلفة هي: الجيب، والثمن، والربع، والعادي ٧٥جم، والعادي ٤٥جم، والممتاز، والجوامعي العادي ٧٥جم والجوامعي العادي ٤٥جم، والجوامعي الخاص، والجوامعي الفاخر، والملكي الفاخر، إضافة إلى طبعه مجزأ: جزء عم، وجزء تبارك، وجزء قد سمع، والعشر الأخير، وربع ياسين، ومصحف بكامله مجزأ على ستة أقسام.
كما طُبع برواية ورش عن نافع المدني، وهي الرواية التي يُقرأ بها في معظم دول المغرب العربي (المغرب، والجزائر، وتونس، وموريتانيا) إضافة إلى السنغال، وتشاد، ونيجيريا، وكتب هذا المصحف بالخط المشرقي على حسب قواعد الرسم العثماني، وضُبط بالضبط المغربي، وعدد آياته ٦٢١٤ آية وفقًا لعدد المدني الأخير، ومجموع صفحاته ٥٥٩ صفحة. وطبع بالحجم العادي ٧٥جم، والجوامعي الخاص.
كما طبع برواية الدوري عن أبي عمرو البصري، وكتب بالخط المشرقي على حسب قواعد الرسم العثماني، وضبط على ما قرره علماء الضبط مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، ما عدا بعضًا يسيرًا، فقد روعي في ضبطه مذهب أكثر المغاربة، وما جرى العمل به في السودان. وعدد آياته ٦٢١٤ آية وفقًا للعدد المدني الأول، ومجموع صفحاته ٥٢١ صفحة، ولا تنتهي صفحاته بآية، وطبع بالحجم العادي ٧٥جم.
كما طبع مصحف نسخ تعليق برواية حفص عن عاصم، على حسب قواعد الرسم والضبط المتعارف عليها في باكستان وما جاورها، وعدد آياته ٦٢٣٦ آية وفقًا للعدد الكوفي، وعدد صفحاته ٦١١ صفحة، وطبع بالحجم العادي ٧٥جم.
أما المصاحف المخطوطة والمعدَّة للطبع فهي:
مصحف برواية حفص عن عاصم لا تنتهي صفحاته بآية، وفق قواعد الرسم العثماني، وضبط على ما قرره علماء الضبط، مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، وعدد آياته ٦٢٣٦ آية وفقًا للعدد الكوفي، ومجموع صفحاته ٥٢١ صفحة.
مصحف برواية حفص عن عاصم تنتهي صفحاته بآية وفق قواعد الرسم العثماني، وضبط على ما قرره علماء الضبط، مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، وعدد آياته ٦٢٣٦ آية وفقًا للعدد الكوفي، ومجموع صفحاته ٦٠٤ صفحة.
مصحف برواية قالون عن نافع المدني، والعمل جارٍ لإعداد هذا المصحف.


الصفحة التالية
Icon