ثم أقبل عليه يلومه فقال : ٣٩ - ﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله ﴾ لولا للتحضيض : أي هلا قلت حين دخلتها هذا القول قال الفراء والزجاج : ما في موضع رفع على معنى الأمر ما شاء الله : أي هلا قلت حين دخلتها الأمر بمشيئة الله وما شاء الله كان ويجوز أن تكون ما مبتدأ والخبر مقدر : أي ما شاء الله كائن ويجوز أن تكون ما شرطية والجواب محذوف : أي أي شيء شاء الله كان ﴿ لا قوة إلا بالله ﴾ أي هلا قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله تحضيضا له على الاعتراف بأنها وما فيها بمشيئة الله إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها وعلى الاعتراف بالعجز وأن ما تيسر له من عمارتها إنما هو بمعونة الله لا بقوته وقدرته قال الزجاج : لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلا بالله ولا يكون إلا ما شاء الله ثم لما علمه الإيمان وتفويض الأمور إلى الله سبحانه أجابه على افتخاره بالمال والنفر فقال ﴿ إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ﴾ المفعول الأول ياء الضمير وأنا ضمير فصل وأقل المفعول الثاني للرؤية إن كانت علمية وإن جعلت بصرية كان انتصاب أقل على الحال ويجوز أن يكون أنا تأكيد لياء الضمير وانتصاب مالا وولدا على التمييز
٤٠ - ﴿ فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ﴾ هذا جواب الشرط : أي إن ترني أفقر منك فأنا أرجو أن يرزقني الله سبحانه جنة خيرا من جنتك في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما ﴿ ويرسل عليها حسبانا ﴾ أي ويرسل على جنتك حسبانا والحسبان مصدر بمعنى الحساب كالغفران : أي مقدارا قدره الله عليها ووقع في حسابه سبحانه وهو الحكم بتخريبها قال الزجاج : الحسبان من الحساب : أي يرسل عليها عذاب الحساب وهو حساب ما كسبت يداك وقال الأخفش : حسبانا : أي مرامي ﴿ من السماء ﴾ واحدها حسبانة وكذا قال أبو عبيدة والقتيبي وقال ابن الأعرابي : الحسبانة السحابة والحسبانة الوسادة والحسبانة الصاعقة وقال النضر بن شميل : الحسبان سهام يرمي بها الرجل في جوف قصبة تنزع في قوس ثم يرمي بعشرين منها دفعة والمعنى : يرسل عليها مرامي من عذابه : إما برد وإما حجارة أو غيرهما مما يشاء من أنواع العذاب ومنه قول أبي زياد الكلابي :
( أصاب الأرض حسبان )
أي جراد ﴿ فتصبح صعيدا زلقا ﴾ أي فتصبح جنة الكافر بعد إرسال الله سبحانه عليها حسبانا صعيدا أي أرضا لا نبات بها وقد تقدم تحقيقه زلقا : أي تزلق فيها الأقدام لملاستها يقال مكان زلق بالتحريك : أي دحض وهو في الأصل مصدر قولك زلقت رجله تزلق زلقا وأزلقها غيره والمزلقة الموضع الذي لا يثبت عليه قدم وكذا الزلاقة وصف الصعيد بالمصدر مبالغة أو أريد به المفعول


الصفحة التالية
Icon