وجملة ٤١ - ﴿ أو يصبح ماؤها غورا ﴾ معطوفة على الجملة التي قبلها : والغور الغائر وصف الماء بالمصدر مبالغة والمعنى : أنها تصير عادمة للماء بعد أن كانت واجدة له وكان خلالها ذلك النهر يسقيها دائما ويجيء الغور بمعنى الغروب ومنه قول أبي ذوئيب :

( هل الدهر إلا ليلة ونهارها وإلا طلوع الشمس ثم غيارها )
﴿ فلن تستطيع له طلبا ﴾ أي لن تستطيع طلب الماء الغائر فضلا عن وجوده ورده ولا تقدر عليه بحيلة من الحيل وقيل المعنى : فلن تستطيع طلب غيره عوضا عنه
ثم أخبر سبحانه عن وقوع ما رجاه ذلك المؤمن وتوقعه من إهلاك جنة الكافر فقال : ٤٢ - ﴿ وأحيط بثمره ﴾ قد قدمنا اختلاف القراء في هذا الحرف وتفسيره وأصل الإحاطة من إحاطة العدو بالشخص كما تقدم في قوله :﴿ إلا أن يحاط بكم ﴾ وهي عبارة عن إهلاكه وإفنائه وهو معطوف على مقدر كأنه قيل فوقع ما توقعه المؤمن وأحيط بثمره ﴿ فأصبح يقلب كفيه ﴾ أي يضرب إحدى يديه على الأخرى وهو كناية عن الندم كأنه قيل فأصبح يندم ﴿ على ما أنفق فيها ﴾ أي في عمارتها وإصلاحها من الأموال وقيل المعنى : يقلب ملكه فلا يرى فيه عوض ما أنفق لأن الملك قد يعبر عنه باليد من قولهم في يده مال وهو بعيد جدا وجملة ﴿ وهي خاوية على عروشها ﴾ في محل نصب على الحال : أي والحال أن تلك الجنة ساقطة على دعائمها التي تعمد بها الكروم أو ساقط بعض تلك الجنة على بعض مأخوذ من خوت النجوم تخوي إذا سقطت ولم تمطر في نوئها ومنه قوله تعالى :﴿ فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ﴾ قيل وتخصيص ماله عروش بالذكر دون النخل والزرع لأنه الأصل وأيضا إهلاكها مغن عن ذكر إهلاك الباقي وجملة ﴿ ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ﴾ معطوفة على يقلب كفيه أو حال من ضميره : أي وهو يقول تمنى عند مشاهدته لهلاك جنته بأنه لم يشرك بالله حتى تسلم جنته من الهلاك أو كان هذا القول منه على حقيقته لا لما فاته من الغرض الدنيوي بل لقصد التوبة من الشرك والندم على ما فرط منه


الصفحة التالية
Icon