لأنه لا ينقل في كلمة وأراد قوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا﴾ ١؛ أي معينا، قراءة نافع بغير همز كما يقف عليه حمزة بنقل حركة الهمزة إلى الدال الساكنة وقيل هو من أردى على كذا أي زاد فلا همز فيه أي أرسله معي زيادة، وأما قوله تعالى في الحاقة: ﴿كِتَابِيَهْ، إِنِّي ظَنَنْت﴾ ٢.
فروي عن ورش نقل حركة همزة إني إلى هاء كتابيه؛ لأنه ساكن آخر صحيح فدخل في الضابط المذكور أول الباب، وروي ترك النقل وهو الصحيح في العربية؛ لأن هذه الهاء هاء سكت وحكمها السكون لا تحرك إلا في ضرورة الشعر على قبح وأيضا فإنها لا تثبت إلا في الوقف فإذا خولف الأصل فأثبتت في الوصل إجراءً له مجرى الوقف؛ لأجل ثباتها في خط المصحف فلا ينبغي أن يخالف الأصل من وجه آخر وهو تحريكها فتجتمع في حرف واحد مخالفتان وهذه المسألة من الزيادات لم يذكرها الداني -رحمه الله- في التيسير وذكرها في غيره.
قال مكي: أخذ قوم بنقل الحركة في هذا وتركه أحسن وأقوى.
قلت: فلهذا قال الناظم: أصح تقبلا؛ أي "وكتابيهْ" بالإسكان أصح تقبلا منه بالتحريك، وذلك أن التحريك تقبله قوم وتقبل الإسكان قوم فالإسكان أصح تقبلا من حيث الدليل على ما سبق ونصبه على التمييز وبالإسكان حال أي وكتابيه ساكنا أصح تقبلا منه متحركا فهو مثل قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا والله أعلم.
٢ الآية: ١٩ و٢٠.
باب: وقف حمزة وهشام على الهمز
هذا الباب من أصعب الأبواب نظما ونثرا في تمهيد قواعده وفهم مقاصده، وقد أنقنه الناظم -رحمه الله- ولكثرة تشعبه أفرد له أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ رحمه الله تصنيفا حسنا جامعا، وذكر أنه قرأ على غير واحد من الأئمة فوجد أكثرهم لا يقومون به حسب الواجب فيه، إلا في الحرف بعد الحرف:
٢٣٥-
وَحَمْزَةُ عِنْدَ الْوَقْفِ سَهَّلَ هَمْزَهُ... إِذَا كَانَ وَسْطًا أَوْ تَطَرَّفَ مَنْزِلا
سبق الكلام في مذهبه في الهمزة المبتدأة في شرح قوله في الباب السابق: وعن حمزة في الوقف خلف... والكلام في هذا الباب في الهمزة المتوسطة والمتطرفة التي في آخر الكلمة، ويأتي فيهما إن شاء الله تعالى جميع أنواع تخفيف الهمز وهي إبداله وحذفه بعد إلقاء حركته على ساكن قبله وجعله بين بين.
ولفظ التسهيل يشمل الجميع وقد يخص القراء لفظ التسهيل بين بين كما سبق، وهذه الأنواع هي التي نقلها أهل العربية في ذلك، وعند القراء نوع آخر وهو تخفيف الهمز باعتبار خط المصحف وسيأتي الكلام عليه وعلى تفاريع هذه الأنواع على ما تقتضيه أصول العربية والقراءات.