٧٢ - ﴿ قال ﴾ أي الخضر ﴿ ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ﴾ أذكره ما تقدم من قوله له سابقا ﴿ إنك لن تستطيع معي صبرا ﴾
فـ ٧٣ - ﴿ قال ﴾ له موسى ﴿ لا تؤاخذني بما نسيت ﴾ يحتمل أن تكون ما مصدرية أي لا تؤاخذني بنسياني أو موصولة أي لا تؤاخذني بالذي نسيته وهو قول الخضر ﴿ فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ﴾ فالنسيان إما على حقيقته على تقدير أن موسى نسي ذلك أو بمعنى الترك على تقدير أنه لم ينس ما قاله له ولكنه ترك العمل به ﴿ ولا ترهقني من أمري عسرا ﴾ قال أبو زيد : أرهقته عسرا إذا كلفته ذلك : والمعنى عاملني باليسر لا بالعسر وقرئ عسرا بضمتين
٧٤ - ﴿ فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله ﴾ أي الخضر ولفظ الغلام يتناول الشاب البالغ كما يتناول الصغير قيل كان الغلام يلعب مع الصبيان فاقتلع الخضر رأسه ﴿ قال ﴾ موسى ﴿ أقتلت نفسا زكية بغير نفس ﴾ قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر وأويس بألف بعد الزاي وتخفيف الياء اسم فاعل وقرأ الباقون بتشديد الياء من دون ألف الزاكية : البريئة من الذنوب قال أبو عمرو : الزاكية التي لم تذنب والزكية التي أذنبت ثم تابت وقال الكسائي : الزاكية والزكية لغتان وقال الفراء : الزاكية والزكية مثل القاسية والقسية ومعنى ﴿ بغير نفس ﴾ بغير قتل نفس محرمة حتى يكون قتل هذه قصاصا ﴿ لقد جئت شيئا نكرا ﴾ أي فظيعا منكرا لا يعرف في الشرع قيل معناه أنكر من الأمر الأول لكون القتل لا يمكن تداركه بخلاف نزع اللوح من السفينة فإنه يمكن تداركه بإرجاعه وقيل النكر أقل من الأمر لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة قيل استبعد موسى أن يقتل نفسا بغير نفس ولم يتأول للخضر بأنه يحل القتل بأسباب أخر
٧٥ - ﴿ قال ﴾ الخضر ﴿ ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ﴾ زاد هنا لفظ لك لأن سبب العتاب أكثر وموجبه أقوى وقيل زاد لفظ لك لقصد التأكيد كما تقول لمن توبخه : لك أقول وإياك أعني
٧٦ - ﴿ قال ﴾ موسى ﴿ إن سألتك عن شيء بعدها ﴾ أي بعد هذه المرة أو بعد هذه النفس المقتولة ﴿ فلا تصاحبني ﴾ أي لا تجعلني صاحبا لك نهاه عن مصاحبته مع حرصه على التعلم لظهور عذره ولذا قال :﴿ قد بلغت من لدني عذرا ﴾ يريد أنك قد أعذرت حيث خالفتك ثلاث مرات وهذا كلام نادم شديد الندامة اضطره الحال إلى الاعتراف وسلوك سبيل الإنصاف قرأ الأعرج تصحبني بفتح التاء والباء وتشديد النون وقرأ الجمهور ﴿ تصاحبني ﴾ وقرأ يعقوب ﴿ تصاحبني ﴾ بضم التاء وكسر الحاء ورواها سهل عن أبي عمرو قال الكسائي : معناه لا تتركني أصحبك وقرأ الجمهور ﴿ لدني ﴾ بضم الدال إلا أن نافعا وعاصما خففا النون وشددها الباقون وقرأ أبو بكر عن عاصم ﴿ لدني ﴾ بضم اللام وسكون الدال قال ابن مجاهد : وهي غلط قال أبو علي : هذا التغليظ لعله من جهة الرواية فأما على قياس العربية فصحيحة وقرأ الجمهور ﴿ عذرا ﴾ بسكون الذال وقرأ عيسى بن عمر بضمر الذال وحكى الداني أن أبيا روى عن النبي صلى الله عليه و سلم بكسر الراء وياء بعدها بإضافة العذر إلى نفسه