١٠٣ - ﴿ قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ﴾ انتصاب أعمالا على التمييز والجمع للدلالة على إرادة الأنواع منها
ومحل الموصول وهو ١٠٤ - ﴿ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ﴾ الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل من هم ؟ فقيل هم الذين ضل سعيهم والمراد بضلال السعي بطلانه وضياعه ويجوز أن يكون في محل نصب على الذم ويكون الجواب ﴿ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ﴾ ويجوز أن يكون في محل جر على أنه نعت للأخسرين أو بدل منه ويكون الجواب أيضا هو أولئك وما بعده وأول هذه الوجوه هو أولاها وجملة ﴿ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ﴾ في محل نصب على الحال من فاعل ضل : أي والحال أنهم يظنون أنهم محسنون في ذلك منتفعون بآثاره
وتكون جملة ١٠٥ - ﴿ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ﴾ مستأنفة مسوقة لتكميل الخسران وبيان سببه هذا على الوجه الأول الراجح لا على الوجوه الآخرة فإنها هي الجواب كما قدمنا ومعنى كفرهم بآيات ربهم : كفرهم بدلائل توحيده من الآيات التكوينية والتنزيلية ومعنى كفرهم بلقائه كفرهم بالبعث وما بعده من أمور الآخرة ثم رتب على ذلك كقوله :﴿ فحبطت أعمالهم ﴾ أي التي عملوها مما يظنونه حسنا وهو خسران وضلال ثم حكم عليهم بقوله :﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ﴾ أي لا يكون لهم عندنا قدر ولا نعبأ بهم وقيل لا يقام لهم ميزان توزن به أعمالهم لأن ذلك إنما يكون لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين وهؤلاء لا حسنات لهم قال ابن الأعرابي : العرب تقول ما لفلان عندنا وزن : أي قدره لخسته ويوصف الرجل بأنه لا وزن له لخفته وسرعة طيشه وقلة تثبته والمعنى على هذا أنهم لا يعتد بهم ولا يكون لهم عند الله قدر ولا منزلة وقرأ مجاهد يقيم بالياء التحتية : أي فلا يقيم الله وقرأ الباقون بالنون
ثم بين سبحانه عاقبة هؤلاء وما يؤول إليه أمرهم فقال : ١٠٦ - ﴿ ذلك ﴾ أي الذي ذكرناه من أنواع الوعيد جزاؤهم ويكون قوله : جهنم عطف بيان للجزاء أو جملة جزاؤهم جهنم مبتدأ وخبر والجملة خبر ذلك والسبب في ذلك أنهم ضموا إلى الكفر اتخاذ آيات الله واتخاذ رسله هزوا فالباء في ﴿ بما كفروا ﴾ للسببية ومعنى كونهم هزوا أنهم مهزوء بهم وقد اختلف السلف في تعيين هؤلاء الأخسرين أعمالا فقيل اليهود والنصارى وقيل كفار مكة وقيل الخوارج وقيل الرهبان أصحاب الصوامع والأولى حمل الآية على العموم لكل من اتصف بتلك الصفات المذكورة