ثم انقسموا فمنهم من أظهرها وهو ورش، وعن ابن كثير خلاف، وأدغم الباقون، وأسكن الناظم الهاء من البقرة ضرورة، وكذا ما يأتي مثله وهو جائز للشاعر في الضرورة، قال الراجز:
لما رأى أن لا دعه ولا شبع
والجود المطر الغزير ونصبه على الحال أي ذا جود وموبلا عطف عليه وهو اسم فاعل من أوبلا وقد استعمل فعله في سورة الأنعام فقال:
حمى صوبه بالخلف در وأوبلا
والمعروف: وبلت السماء فهي وابلة والوابل المطر الغزير، فيجوز أن يكون أوبلا مثل أغدوا جرب أي صار ذا وبل، وقيل: الموبل: الذي أتى بالوبل وهو المطر والله أعلم.
باب: أحكام النون الساكنة والتنوين
التنوين: نون ساكنة أيضًا. وإنما جمع بينهما في الذكر؛ لأن التنوين اسمٌ لنون ساكنة مخصوصة، وهي التي تلحق الكلمة بعد كمال لفظها؛ لا للتأكيد، ولا ثبات لها في الوقف، ولا في الخط.
وأحكامها أربعة، وهي: الإظهار، والإدغام، والقلب، والإخفاء.
ثم الإدغام يكون بغنة في موضع؛ وبعدمها في موضع. ومختلف فيها في موضع، وسيأتي جميع ذلك.
ولأجل هذه الأحكام الزائدة على ما مضى أفرد لهما بابا، والله أعلم.
٢٨٦-
وَكُلُّهُمُ التَّنْوينَ وَالنُّونَ ادْغَمُوا | بِلاَ غُنَّةٍ فِي الّلاَمِ وَالرَّا لِيَجْمُلا |
٢٨٧-
وَكُلٌّ بِـ:
يَنْمُو أَدْغَمُوا مَعَ غُنَّةٍ | وَفِي الوَاوِ وَاليَا دُونَهَا خَلَفٌ تَلا |
قال الشيخ رحمه الله: اعلم أن حقيقة ذلك في الواو والياء إخفاء لا إدغام وإنما يقولون له إدغام مجازا، وهو في الحقيقة إخفاء على مذهب من يبين الغنة؛ لأن ظهور الغنة يمنع تمحض الإدغام؛ لأنه لا بد من تشديد يسير فيهما وهو قول الأكابر، قالوا: الإخفاء ما بقيت معه الغنة، وأما عند النون والميم فهو إدغام محض؛ لأن في كل واحد من المدغم والمدغم فيه غنة وإذا ذهبت إحداهما بالإدغام بقيت الأخرى وخلف أدغمهما عند الواو والياء بلا غنة كما يفعل عند اللام والراء فهو إدغام محض على قراءته، وقوله: دونها أي دون الغنة