باب: اللامات أي تغليظها:


وهذا باب لم يذكره أكثر المصنفين في القراءات، إنما اعتنى به المغاربة والمصريون، دون البغداديين والشاميين، ولا شك أنه إن ثبت لغة فهو لغة ضعيفة مستثقلة؛ فإن العرب عرف من فصيح لغتها الفرار من الأثقل إلى الأخف، والتغليظ عكس ذلك، ثم هو على مخالفة المعروف من قراءة ورش، فإنها مشتملة على ترقيق الراءات وإمالة بين بين، وتخفيف الهمز نقلا وتسهيلاً وإبدالا، ولهذا أكثر الروايات عن ورش: ترك التغليظ، كقراء الجماعة، هذه رواية يونس بن عبد الأعلى وداود بن أبي طيبة وغيرهما.
وقال مكي: اعلم أن هذا الباب قد اضطرب النقل فيه عن ورش، وقليل ما يوجد فيه النص عنه:
٣٥٨-
وَغَلَّظَ وَرْشٌ فَتْحَ لاَمٍ لِصَادِهَا أَوِ الطَّاءِ أَوْ لِلظَّاءِ قَبْلُ تَنَزُّلا
التغليظ في هذا الباب زيادة عمل في اللام إلى جهة الارتفاع، وضده ترك ذلك، ومنهم من يعبر عن تركه بالترقيق، وعن التغليظ بالتفخيم، ثم التغليظ إشباع الفتحة في اللام، فلهذا لم يجئ في المكسورة ولا المضمومة ولا الساكنة نحو: ﴿يُصَلِّي عَلَيْكُمْ﴾، ﴿تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ﴾، ﴿وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ﴾.
وبعضهم غلظ اللام من: "صَلْصَالٍ"؛ لوقوعها بين حرفين مستعليين فالتغليظ عند الأكثر لا يقع إلا في اللام المفتوحة، ولا فرق بين أن تكون مخففة أو مشددة نحو: "أَوْ يُصَلَّبُوا"، "وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ".
وروما، وفخمت إن وقفت بالسكون إلا في ثلاث صور؛ وهي أن يكون قبلها كسر أو ياء ساكنة فترقق لجميع القراء في هاتين الصورتين الصورة الثالثة أن يكون قبلها إمالة فترقق لأصحاب الإمالة دون غيرهم وإن كانت غير مكسورة فهي مفخمة لجميع القراء وقفا بالسكون إلا أن يكون قبلها أحد الثلاثة فالحكم ما تقدم في الوصل والروم مفخمة لغير ورش مرققة لورش بعد الكسر والياء الساكنة على ما في أول الباب، ولا يقع الروم في المنصوبة فاعتبر ذلك وقس عليه.
ثم أشار إلى أن الأصل التفخيم بقوله:
٣٥٧-
وَفِيماَ عَدَا هذَا الَّذِي قَدْ وَصَفْتُهُ عَلَى الأَصْلِ بِالتَّفْخِيمِ كُنْ مُتَعَمِّلا
أي كن متعملا بالتفخيم على الأصل ومتعملا بمعنى عاملا، وفي الصحاح تعمل فلان لكذا، وقال غيره: سوف أتعمل في حاجتك أي أقضي، فيجوز في موضع بالتفخيم بالباء للتفخيم باللام على ما نقله الجوهري والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon