باب: التكبير
إنما أخر ذكر هذا الباب؛ لأن حكمه متعلق بالسور الأخيرة، ومن المصنفين من لم يذكره أصلا كابن مجاهد، وقدم النظم قبل بيان حكمه عند القراء أبياتا في فضل الذكر مطلقا من تكبير وغيره فقال:
١١٢١-
رَوَى القَلْبَ ذِكْرُ اللهِ فَاسْتَسْقِ مُقْبِلا | وَلا تَعْدُ رَوْضَ الذَّاكِرِينَ فَتُمحِلا |
وقد جمع جعفر الغرياني الحافظ فيه مصنفا حسنا وما أحسن ما قال بلال بن سعيد وهو من تابعي أهل الشام الذكر ذكران ذكر الله باللسان حسن جميل، وذكر الله عند ما أحل وحرم أفضل، وكيف لا يكون ذكر الله تعالى روى للقلب وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: "إن لكل شيء صقالة وإن صقالة القلوب ذكر الله تعالى" أخرجه الحافظ البيهقي في كتاب الدعوات.
وأما تعبيره عن مجالس الذكر بالروض؛ فلما جاء في حديث جابر بن عبد الله قال خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:
"يا أيها الناس إن لله تعالى سرايا من الملائكة تقف وتحل على مجالس الذكر فارتعوا في رياض الجنة، قلنا أين رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: مجالس الذكر فاغدوا وروحوا في ذكر الله واذكروه بأنفسكم من كان يحب أن يعلم كيف منزلته من الله -عز وجل- فلينظر منزلة الله عنده فإن الله تبارك وتعالى ينزل العبد حيث أنزله من نفسه" أخرجه البيهقي في كتاب "الدعوات وشعب الإيمان".
وأخرجه الغرياني وأخرج أيضا في معناه أحاديث كثيرة منها عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر من ذكر الله عز وجل".
١١٢٢-
وَآثِرْ عَنِ الآثَارِ مَثْرَاةَ عَذْبِهِ | وَمَا مِثْلُهُ لِلْعَبدِ حِصْنًا وَمَوْئِلا |