٥٢ - ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله ﴾ أي من قبل القرآن والموصول مبتدأ وخبره ﴿ هم به يؤمنون ﴾ أخبر سبحانه أن طائفة من بني إسرائيل آمنوا بالقرآن كعبد الله بن سلام وسائر من أسلم من أهل الكتاب وقيل الضمير في من قبله يرجع إلى محمد صلى الله عليه و سلم والأول أولى والضمير في به راجع إلى القرآن على القول الأول وإلى محمد على القول الثاني
٥٣ - ﴿ وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به ﴾ أي وإذا يتلى القرآن عليهم قالوا صدقنا به ﴿ إنه الحق من ربنا ﴾ أي الحق الذي نعرفه المنزل من ربنا ﴿ إنا كنا من قبله مسلمين ﴾ أي مخلصين لله بالتوحيد أو مؤمنين بمحمد وبما جاء به لما نعلمه من ذكره في التوراة والإنجيل من التبشير به وأنه سيبعث آخر الزمان وينزل عليه القرآن
والإشارة بقوله : ٥٤ - ﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين ﴾ إلى الموصوفين بتلك الصفات والباء في ﴿ بما صبروا ﴾ للسببية : أي بسبب صبرهم وثباتهم على الإيمان بالكتاب الأول والكتاب الآخر وبالنبي الأول والنبي الآخر ﴿ ويدرؤون بالحسنة السيئة ﴾ الدرء الدفع : أي يدفعون بالاحتمال والكلام الحسن ما يلاقونه من الأذى وقيل يدفعون بالطاعة المعصية وقيل بالتوبة والاستغفار من الذنوب وقيل بشهادة أن لا إله إلا الله الشرك ﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾ أي ينفقون أموالهم في الطاعات وفيما أمر به الشرع
ثم مدحهم سبحانه بإعراضهم عن اللغو فقال : ٥٥ - ﴿ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ﴾ تكرما وتنزها وتأدبا بآداب الشرع ومثله قوله سبحانه :﴿ وإذا مروا باللغو مروا كراما ﴾ واللغو هنا هو ما يسمعونه من المشركين من الشتم لهم ولدينهم والاستهزاء بهم ﴿ وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ﴾ لا يلحقنا من ضرر كفركم شيء ولا يلحقكم من نفع إيماننا شيء ﴿ سلام عليكم ﴾ ليس المراد بهذا السلام سلام التحية ولكن المراد به سلام المتاركة ومعناه أمنة لكم منا وسلامة لا نجاريكم ولا نجاوبكم فيما أنتم فيه قال الزجاج : وهذا قبل الأمر بالقتال ﴿ لا نبتغي الجاهلين ﴾ أي لا نطلب صحبتهم وقال مقاتل : لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه وقال الكلبي : لا نحب دينكم الذي أنتم عليه


الصفحة التالية
Icon