أصل اخْتِلَاف الْقرَاءَات
٤٦ - وَوجه هَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْقُرْآن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعرض الْقُرْآن على جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي كل عَام عرضة فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَام الَّذِي توفى فِيهِ عرضه عَلَيْهِ عرضتين فَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَأْخُذ عَلَيْهِ فِي كل عرضة بِوَجْه وَقِرَاءَة من هَذِه الْأَوْجه والقراءات الْمُخْتَلفَة وَلذَلِك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْقُرْآن أنزل عَلَيْهَا وَإِنَّهَا كلهَا شاف كَاف وأباح لأمته الْقِرَاءَة بِمَا شَاءَت مِنْهَا مَعَ الْإِيمَان بجميعها وَالْإِقْرَار بكلها إِذْ كَانَت كلهَا من عِنْد الله تَعَالَى منزلَة وَمِنْه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَأْخُوذَة
٤٧ - وَلم يلْزم أمته حفظهَا كلهَا وَلَا الْقِرَاءَة بأجمعها بل هِيَ مخيرة فِي الْقِرَاءَة بِأَيّ حرف شَاءَت مِنْهَا كتخييرها إِذا هِيَ حنثت فِي يَمِين وَهِي موسرة بِأَن تكفر بِأَيّ الْكَفَّارَات شَاءَت إِمَّا بِعِتْق وَإِمَّا بإطعام وَإِمَّا بكسوة وَكَذَلِكَ الْمَأْمُور فِي الْفِدْيَة بالصيام أَو الصَّدَقَة أَو النّسك أَي ذَلِك فعل فقد أدّى مَا عَلَيْهِ وَسقط عَنهُ فرض غَيره فَكَذَا أمروا بِحِفْظ الْقُرْآن وتلاوته ثمَّ خيروا فِي قِرَاءَته بِأَيّ الأحرف السَّبْعَة شَاءُوا إِذْ كَانَ مَعْلُوما أَنهم لم يلزموا اسْتِيعَاب جَمِيعهَا دون أَن يقتصروا مِنْهَا على حرف وَاحِد بل قيل لَهُم أَي ذَلِك قَرَأْتُمْ أصبْتُم فَدلَّ على صِحَة مَا قُلْنَا