القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر يهود بني إسرائيل وغيرهم ممن ينتحل التصديق بكتب الله: ="لم تصدُّون عن سبيل الله"، يقول: لم تضِلُّون عن طريق الله ومحجَّته التي شرَعها لأنبيائه وأوليائه وأهل الإيمان= (١) "من آمن"، يقول: من صدّق بالله ورَسوله وما جاء به من عند الله="تبغونها عوجًا"، يعني: تبغون لها عوجًا.
* * *
"والهاء والألف" اللتان في قوله:"تبغونها" عائدتان على"السبيل"، وأنثها لتأنيث"السبيل".
* * *
ومعنى قوله:"تبغون لها عوجًا"، من قول الشاعر، وهو سحيم عبدُ بني الحسحاس

بَغَاك، وَمَا تَبْغِيهِ حَتَّى وَجَدْتَهُ كأَنِّكَ قَدْ وَاعَدْتَهُ أَمْسِ مَوْعِدَا (٢)
يعني: طلبك وما تطلبه. (٣) يقال:"ابغني كذا"، يراد: ابتغه لي. فإذا أرادوا أعِنِّي على طلبه وابتغه معي قالوا:"أبغني" بفتح الألف. وكذلك يقال:"احلُبْني"، بمعنى: اكفني الحلب -"وأحلبني" أعني عليه. وكذلك جميع ما وَرَد من هذا النوع، فعلى هذا. (٤)
* * *
وأما"العِوَج" فهو الأوَد والميْل. وإنما يعني بذلك: الضلال عن الهدى.
* * *
(١) انظر معنى"الصد" فيما سلف ٤: ٣٠٠.
(٢) سلف تخريجه في ٤: ١٦٣، تعليق: ٢.
(٣) انظر تفسير"بغى" فيما سلف ٣: ٥٠٨ / ٤: ١٦٣ / ٦: ١٩٦، ٥٦٤، ٥٧٠.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٢٧، ٢٢٨.


الصفحة التالية
Icon