القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الكوفة: (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ)، جميعًا، ردًّا على صفة القوم الذين وصفهم جل ثناؤه بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وقرأته عامة قرأة المدينة والحجاز وبعض قرأة الكوفة بالتاء في الحرفين جميعًا: (" وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكْفَروهُ ")، بمعنى: وما تفعلوا، أنتم أيها المؤمنون، من خير فلن يكفُرَكموه ربُّكم.
* * *
وكان بعض قرأة البصرة يرى القراءتين في ذلك جائزًا بالياء والتاء، في الحرفين.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا:"وما يفعلوا، من خير فلن يُكفروه"، بالياء في الحرفين كليهما، يعني بذلك الخبرَ عن الأمة القائمة، التالية آيات الله.
وإنما اخترنا ذلك، لأن ما قبل هذه الآية من الآيات، خبر عنهم. فإلحاق هذه الآية = إذْ كان لا دلالة فيها تدل على الانصراف عن صفتهم = بمعاني الآيات قبلها، أولى من صرفها عن معاني ما قبلها. وبالذي اخترنا من القراءة كان ابن عباس يقرأ.
٧٦٦٤- حدثني أحمد بن يوسف التغلبيّ قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا حجاج، عن هارون، عن أبي عمرو بن العلاء قال: بلغني عن ابن عباس أنه كان يقرأهما جميعًا بالياء. (١)
* * *