قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ وورش على ابصارهم وقنطار ودينار بإمالة الْألف وحجتهم فِي ذَلِك أَن انْتِقَال اللِّسَان من الْألف إِلَى الكسرة بِمَنْزِلَة النَّازِل من علو إِلَى هبوط فقربوا الْألف فإمالتهم إِيَّاهَا من الْكسر ليَكُون عمل اللِّسَان من جِهَة وَاحِدَة وَقَرَأَ الْبَاقُونَ أَبْصَارهم بِغَيْر إمالة وحجتهم فِي ذَلِك أَن بَاب الْألف هُوَ الْفَتْح دون غَيره وَأَن مَا قبل الْألف لَا يكون أبدا إِلَّا مَفْتُوحًا لِأَنَّهُ تَابع لَهَا فتركوها على بَابهَا من غير تَغْيِير ﴿وَمَا يخدعون إِلَّا أنفسهم﴾
قَرَأَ نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو ﴿وَمَا يخدعون إِلَّا أنفسهم﴾ بِالْألف وَاحْتج أَبُو عَمْرو بِأَن قَالَ إِن الرجل يُخَادع نَفسه وَلَا يخدعها قَالَ الْأَصْمَعِي لَيْسَ أحد يخدع نَفسه إِنَّمَا يخادعها
وَقَرَأَ أهل الشَّام والكوفة ﴿وَمَا يخدعون﴾ بِغَيْر ألف وحجتهم فِي ذَلِك أَن الله أخبر عَن هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقين أَنهم يخادعون الله وَالَّذين آمنُوا بقَوْلهمْ ﴿آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر﴾ فَأثْبت لَهُم مخادعتهم الله وَالْمُؤمنِينَ ثمَّ يخبر عَنْهُم عقيب ذَلِك أَنهم لَا يخادعونه وَلَا يخادعون إِلَّا أنفسهم فَيكون قد نفى عَنْهُم فِي آخر الْكَلَام مَا أثْبته لَهُم فِي أَوله وَلكنه أخبر أَن المخادعة من فعلهم ثمَّ إِن الخدع إِنَّمَا يَحِيق بهم خَاصَّة دونه
﴿فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا وَلَهُم عَذَاب أَلِيم بِمَا كَانُوا يكذبُون﴾