﴿وَمن تطوع خيرا فَإِن الله شَاكر عليم﴾
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ / وَمن يطوع / بِالْيَاءِ وَجزم الْعين وَكَذَلِكَ الَّذِي بعده وحجتهما أَن حُرُوف الْجَزَاء وضعت لما يسْتَقْبل من الأزمة فِي سنَن الْعَرَبيَّة وَأَن الْمَاضِي إِذا تكلم بِهِ بعد أحرف الْجَزَاء فَإِن المُرَاد مِنْهُ الِاسْتِقْبَال نَحْو قَول الْقَائِل من أكرمني أكرمته أَي من يكرمني أكْرمه وَيُقَوِّي قراءتهما قِرَاءَة عبد الله / وَمن يتَطَوَّع / على مَحْض الِاسْتِقْبَال فأدغمت التَّاء فِي الطَّاء فِي قراءتهما لقرب مخرجها مِنْهَا
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ ﴿وَمن تطوع﴾ بِالتَّاءِ وَفتح الْعين على لفظ الْمُضِيّ وَمَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَال لِأَن الْكَلَام شَرط وَجَزَاء لفظ الْمَاضِي فِيهِ يؤول إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال كَمَا قَالَ جلّ وَعز ﴿من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم﴾ وحجتهم فِي ذَلِك أَن الْمَاضِي أخف من الْمُسْتَقْبل وَلَا إدغام فِيهِ
﴿إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار والفلك الَّتِي تجْرِي فِي الْبَحْر بِمَا ينفع النَّاس وَمَا أنزل الله من السَّمَاء من مَاء فأحيا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا وَبث فِيهَا من كل دَابَّة وتصريف الرِّيَاح﴾
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ ﴿وتصريف الرِّيَاح﴾ بِغَيْر ألف وحجتهما أَن الْوَاحِد يدل على الْجِنْس فَهُوَ أَعم كَمَا تَقول كثر الدِّرْهَم وَالدِّينَار فِي ايدي النَّاس إِنَّمَا تُرِيدُ هَذَا الْجِنْس قَالَ الْكسَائي وَالْعرب تَقول جَاءَت الرّيح من كل مَكَان فَلَو كَانَت ريحًا وَاحِدَة جَاءَت من مَكَان وَاحِد فَقَوْلهم من كل مَكَان وَقد وحدوها تدل على أَن بِالتَّوْحِيدِ معنى الْجمع