فِيهِ ذَاك وتأولوا فِي قَوْله ﴿وَلَا جِدَال﴾ أَنه لَا شكّ فِي الْحَج وَلَا اخْتِلَاف فِيهِ أَنه فِي ذِي الْحجَّة
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ جَمِيع ذَلِك بِالنّصب وحجتهم قَول ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا جِدَال فِي الْحَج﴾ قَالَ لَا تمار صَاحبك حَتَّى تغضبه فَلم يذهب بهَا ابْن عَبَّاس ذَلِك الْمَذْهَب وَلكنه جعله نهيا كالحرفين الْأَوَّلين وَأَن حرف النَّهْي دخل فِي الثَّلَاثَة وَحجَّة من فتح أَن يَقُول إِنَّه أبلغ للمعنى الْمَقْصُود أَلا ترى أَنه إِذا فتح فقد نفى جَمِيع الرَّفَث والفسوق كَمَا أَنه إِذا قَالَ لَا ريب فِيهِ فقد نفى جَمِيع هَذَا الْجِنْس وَإِذا رفع وَنون فَكَأَن النَّفْي لوَاحِد مِنْهُ فالفتح أولى لِأَن النَّفْي بِهِ أَعم وَالْمعْنَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يرخص فِي ضرب من الرَّفَث والفسوق كَمَا لم يرخص فِي ضرب من الْجِدَال فالفتح جَوَاب قَائِل هَل من رفث هَل من فسوق ف من يدْخلهُ للْعُمُوم وَلَا أَيْضا تدخل لنفي الْعُمُوم وَإِذا قلت هَل من رجل فِي الدَّار فَجَوَابه لَا رجل فِي الدَّار
وَحجَّة من رفع أَنه يعلم من الفحوى أَنه لَيْسَ النَّفْي وقتا وَاحِدًا وَلكنه بِجَمِيعِ ضروبه وَقد يكون اللَّفْظ وَاحِدًا وَالْمرَاد جَمِيعًا
﴿وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله وَالله رؤوف بالعباد﴾
قَرَأَ الْكسَائي / مرضاة الله / بالإمالة وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْر إمالة وحجتهم أَن الْكَلِمَة من ذَوَات الْوَاو أَصْلهَا مرضوة فقلبت الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا يدلك على ذَلِك ﴿رضوَان الله﴾


الصفحة التالية
Icon