القول في تأويل قوله: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك: لقد تطوّل الله على المؤمنين ="إذ بعث فيهم رسولا"، حين أرسل فيهم رسولا ="من أنفسهم"، نبيًّا من أهل لسانهم، ولم يجعله من غير أهل لسانهم فلا يفقهوا عنه ما يقول ="يتلو عليهم آياته"، يقول: يقرأ عليهم آي كتابه وتنزيله (١) ="ويزكيهم"، يعني: يطهّرهم من ذنوبهم باتباعهم إياه وطاعتهم له فيما أمرهم ونهاهم (٢) ="ويعلمهم الكتاب والحكمة"، يعني: ويعلمهم كتاب الله الذي أنزله عليه، ويبين لهم تأويله ومعانيه ="والحكمة"، ويعني بالحكمة، السُّنةَ التي سنها الله جل ثناؤه للمؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيانَه لهم (٣) ="وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين"، يعني: وإن كانوا من قبل أن يمنّ الله عليهم بإرساله رسوله الذي هذه صفته ="لفي ضلال مبين"، يقول: في جهالة جهلاء، وفي حيرة عن الهدى عمياء، لا يعرفون حقًّا، ولا يبطلون باطلا.
* * *
وقد بينا أصل"الضلالة" فيما مضى، وأنه الأخذ على غير هدى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤).
* * *

(١) انظر تفسير"يتلو" فيما سلف ٢: ٤١١، ٥٦٩ / ٦: ٤٦٦، تعليق: ٣، وفهارس اللغة"تلا".
(٢) انظر تفسير"يزكي" فيما سلف ١: ٥٧٣، ٥٧٤ / ٣: ٨٨ / ٥: ٢٩ / ٦: ٥٢٨.
(٣) انظر تفسير"الحكمة" فيما سلف ٣: ٨٧، ٨٨ / ٥: ١٥، ٣٧١، ٥٧٦ - ٥٧٩.
(٤) انظر تفسير"الضلالة" فيما سلف ١: ١٩٥ / ٢: ٤٩٥، ٤٩٦.


الصفحة التالية
Icon