لا تعرفون حسنة ولا تستغفرون من سيئة، (١) صُمٌّ عن الحق، عُمْيٌ عن الهدى. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أوَ حين أصابتكم، أيها المؤمنون، ="مصيبة"، وهي القتلى الذين قتلوا منهم يوم أحد، والجرحى الذين جرحوا منهم بأحد، وكان المشركون قتلوا منهم يومئذ سبعين نفرًا ="قد أصبتم مثليها"، يقول: قد أصبتم، أنتم أيها المؤمنون، من المشركين مثلي هذه المصيبة التي أصابوا هم منكم، وهي المصيبة التي أصابها المسلمون من المشركين ببدر، وذلك أنهم قتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين ="قلتم أنى هذا"، يعني: قلتم لما أصابتكم مصيبتكم بأحد ="أنى هذا"، من أيِّ وجه هذا؟ (٣) ومن أين أصابنا هذا الذي أصابنا، ونحن مسلمون وهم مشركون، وفينا نبي الله ﷺ يأتيه الوحي من السماء، وعدوُّنا أهل كفر بالله وشرك؟ ="قل" يا محمد للمؤمنين بك من أصحابك ="هو من عند أنفسكم"، يقول: قل لهم: أصابكم هذا الذي أصابكم من عند أنفسكم، بخلافكم أمري وترككم طاعتي، لا من عند غيركم، ولا من قبل أحد سواكم ="إن الله على كل شيء قدير"، يقول: إن الله على جميع ما أراد بخلقه من عفو وعقوبة، وتفضل

(١) في المطبوعة: "تستغيثون من سيئة"، ولا معنى لها، وفي المخطوطة "يستغيثون" غير منقوطة، والأرجح أنه خطأ، صوابه ما في سيرة ابن هشام.
(٢) الأثر: ٨١٧٨- سيرة ابن هشام ٣: ١٢٤، وهو تتمة الآثار التي آخرها: ٨١٧٢، ٨١٧٦. والجملة الأخيرة في ابن هشام: "صم عن الخير، بكم عن الحق، عمى عن الهدى".
(٣) انظر تفسير"أني" فيما سلف ٤: ٣٩٨ - ٤١٦ / ٥: ١٢، ٤٤٧ / ٦: ٣٥٨، ٤٢٠.


الصفحة التالية
Icon