قَرَأَ ابْن كثير ﴿من ورائي﴾ بِفَتْح الْيَاء وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِسُكُون الْيَاء تَخْفِيفًا لطول الْحَرْف مَعَ الْهمزَة
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ ﴿يَرِثنِي وَيَرِث﴾ جزما جَوَابا لِلْأَمْرِ وَإِنَّمَا صَار جَوَاب الْأَمر مَجْزُومًا لِأَن الْأَمر مَعَ جَوَابه بِمَنْزِلَة الشَّرْط وَالْجَزَاء الْمَعْنى هَب لي وليا فَإنَّك إِن وهبته لي ورثني
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ ﴿يَرِثنِي وَيَرِث﴾ بِالرَّفْع جَعَلُوهُ صفة للْوَلِيّ أَي أَي وليا وَارِثا وَإِنَّمَا اخْتَارُوا الرّفْع لِأَن ﴿وليا﴾ نكرَة فَجعلُوا ﴿يَرِثنِي﴾ صفة كَمَا تَقول أعرني دَابَّة أركبها وكما قَالَ ﴿خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا﴾ وَلَو كَانَ الِاسْم معرفَة لَكَانَ الِاخْتِيَار الْجَزْم كَمَا قَالَ ﴿فذروها تَأْكُل﴾ فالهاء معرفَة فَلَا يجوز أَن تجْعَل النكرَة صفة للمعرفة
وَاعْلَم أَن الْفِعْل الْمُضَارع إِذا حل مَحل اسْم الْفَاعِل لم يكن إِلَّا رفعا كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿وَلَا تمنن تستكثر﴾ أَي مستكثرا وحجتهم فِي ذَلِك أَن زَكَرِيَّا إِنَّمَا سَأَلَ وليا وَارِثا علمه ونبوته وَلَيْسَ الْمَعْنى على الْجَزَاء أَي إِن وهبته ورث ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ كل ولي يَرث فَإِذا لم يكن كَذَلِك لم يسهل الْجَزَاء من حَيْثُ لم يَصح أَن تَقول إِن وهبته ورث لِأَنَّهُ قد يهب وليا لَا يَرث وَأُخْرَى وَهِي أَن الْآيَة قد تمت عِنْد قَوْله ﴿وليا﴾ ثمَّ تبتدئ ﴿يَرِثنِي﴾ أَي هُوَ يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب
﴿وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾