ظَلَمَ الْبِطَاحَ بِهَا انْهِلالُ حَرِيصَةٍ | فَصَفَا النِّطَافُ لَهُ بُعَيْدَ الْمُقْلَعِ (١) |
وقد يتفرع الظلم في معان يطول بإحصائها الكتاب، وسنبينها في أماكنها إذا أتينا عليها إن شاء الله تعالى. وأصل ذلك كله ما وصفنا من وضع الشيء في غير موضعه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القَرَأة (٢) في قراءة ذلك. فقرأته عامتهم،"فأزلَّهما" بتشديد اللام، بمعنى: استزلَّهما، من قولك زلَّ الرجل في دينه: إذا هفا فيه وأخطأ، فأتى ما ليس له إتيانه فيه. وأزلَّه غيره: إذا سبب له ما يزلّ من أجله في دينه أو دنياه، ولذلك أضاف الله تعالى ذكره إلى إبليسَ خُروجَ آدم وزوجته من الجنة، فقال:"فأخرجهما" يعني إبليس"مما كانا فيه"، لأنه كانَ الذي سَبَّب لهما الخطيئة التي عاقبهما الله عليها بإخراجهما من الجنة.
وقرأه آخرون:"فأزَالهما"، بمعنى إزَالة الشيء عن الشيء، وذلك تنحيته عنه.
وقد روي عن ابن عباس في تأويل قوله:"فأزلهما"، ما:-
(١) جاء أيضًا في تفسيره (٢: ٥٠ بولاق) منسوبًا لعمرو بن قميئة. وصحة نسبته إلى الحادرة الذبياني، وهو في ديوان الحادرة، قصيدة: ٤، البيت رقم: ٧، وشرح المفضليات: ٥٤. والبطاح جمع بطحاء وأبطح: وهو بطن الوادي. وأنهل المطر انهلالا: اشتد صوبه ووقعه. والحريصة والحارصة: السحابة التي تحرص مطرتها وجه الأرض، أي تقشره من شدة وقعها. والنطاف جمع نطفة: وهي الماء القليل يبقى في الدلو وغيره. وقوله: "بعيد المقلع": أي بعد أن أقلعت هذه السحابة. ورواية المفضليات: "ظلم البطاح له" وقوله: "له": أي من أجله.
(٢) في المطبوعة: "اختلف القراء" والقَرَأَة جمع قارئ، وانظر ما مضى: ٥١، تعليق، وص: ٦٤، ١٠٩ وغيرهما.
(٢) في المطبوعة: "اختلف القراء" والقَرَأَة جمع قارئ، وانظر ما مضى: ٥١، تعليق، وص: ٦٤، ١٠٩ وغيرهما.