وأما قوله:"إن الله كان عليمًا حكيمًا"، فإنه يعني جل ثناؤه: إنّ الله لم يزل ذا علم بما يصلح خلقه، (١) أيها الناس، فانتهوا إلى ما يأمركم، يصلح لكم أموركم. ="حكيما"، يقول: لم يزل ذا حكمة في تدبيره، وهو كذلك فيما يقسم لبعضكم من ميراث بعض، وفيما يقضي بينكم من الأحكام، لا يدخل حكمه خَلَل ولا زلل، لأنه قضاء من لا تخفى عليه مواضع المصلحة في البدء والعاقبة.
* * *

(١) انظر تفسير: "كان" نظيرة ما في هذه الآية، فيما سلف: ٧: ٥٢٣.

القول في تأويل قوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه،"ولكم" أيها الناس ="نصف ما ترك أزواجكم"، بعد وفاتهن من مال وميراث ="إن لم يكن لهن ولد"، يوم يحدث بهن الموت، (١) لا ذكر ولا أنثى ="فإن كان لهن ولد"، أي: فإن كان لأزواجكم يوم يحدث لهن الموت، (٢) ولد ذكر أو أنثى ="فلكم الربع مما تركن"، من مال وميراث، ميراثًا لكم عنهن ="من بعد وصية يوصين بها أو دين"، يقول: ذلكم لكم ميراثًا عنهن، مما يبقى من تركاتهن وأموالهن، من بعد قضاء ديونهن التي يمتن وهي عليهن، ومن بعد إنفاذ وصاياهن الجائزة إن كن أوصين بها.
* * *
(١) في المطبوعة: "يحدث لهن الموت" باللام، والصواب ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "يحدث لهن الموت" باللام، والصواب ما في المخطوطة.


الصفحة التالية
Icon