ومعنى قوله:"يتوب الله عليهم"، يرزقهم إنابة إلى طاعته، ويتقبل منهم أوبتهم إليه وتوبتهم التي أحدثوها من ذنوبهم. (١)
* * *
وأما قوله:"وكان الله عليما حكيما"، فإنه يعني: ولم يزل الله جل ثناؤه (٢) = "عليما" بالناس من عباده المنيبين إليه بالطاعة، بعد إدبارهم عنه، المقبلين إليه بعد التولية، وبغير ذلك من أمور خلقه ="حكيمًا"، (٣) في توبته على من تاب منهم من معصيته، وفي غير ذلك من تدبيره وتقديره، ولا يدخل أفعاله خلل، ولا يُخالطه خطأ ولا زلل. (٤)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وليست التوبة للذين يعملون السيئات من أهل الإصرار على معاصي الله ="حتى إذا حضر أحدهم الموت"، يقول: إذا حشرج أحدهم بنفسه، وعاين ملائكة ربه قد أقبلوا إليه لقبض روحه، قال = وقد غُلب على نفسه، وحيل بينه وبين فهمه، بشغله بكرب حشرجته وغرغرته =
(٢) انظر معنى"كان" فيما سلف قريبًا: ٨٨ تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) كان في المخطوطة والمطبوعة: "حكيم"، ورددتها إلى نص الآية والسياق.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "لا يخلطه"، وإنما يقال: "خلط الشيء بالشيء"، وليس هذا مكانها، بل الصواب ما أثبت.
وانظر تفسير"عليم" و"حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة.