القول في تأويل قوله: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وكيف تأخذونه"، وعلى أي وجه تأخذون من نسائكم ما آتيتموهن من صدقاتهن، إذا أردتم طلاقهن واستبدال غيرهن بهن أزواجًا ="وقد أفضى بعضكم إلى بعض"، فتباشرتم وتلامستم.
* * *
وهذا كلام وإن كان مخرجه مخرج الاستفهام، فإنه في معنى النكير والتغليظ، كما يقول الرجل لآخر:"كيف تفعل كذا وكذا، وأنا غير راضٍ به؟ "، على معنى التهديد والوعيد. (١)
* * *
وأما"الإفضاء" إلى الشيء، فإنه الوصول إليه بالمباشرة له، كما قال الشاعر: (٢)

[بَلِينَ] بِلًى أَفْضَى إلَى [كُلِّ] كُتْبَةٍ بَدَا سَيْرُهَا مِنْ بَاطِنٍ بَعْدَ ظَاهِرِ (٣)
يعني بذلك أن الفساد والبلى وصل إلى الخُرَز. والذي عُني به"الإفضاء" في هذا الموضع، الجماعُ في الفرج.
* * *
(١) في المطبوعة: "التهديد"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) كان في المخطوطة والمطبوعة:
بِلًى أَفْضَى إِلَى كتْبَةٍ بَدَا سَيرُها مِنْ بَاطِنٍ بَعد ظاهِر
بياض في الأصل بين الكلمات، وقد زدت ما بين الأقواس اجتهادًا واستظهارًا، حتى يستقيم الشعر. و"الكتبة" (بضم فسكون)، هي الخرزة المضمومة التي ضم السير كلا وجهيها، من المزادة والسقاء والقربة. يقال: "كتب القربة": خرزها بسيرين. وهذا بيت يصف مزادًا أو قربًا، قد بليت خرزها بلى شديدًا فقطر الماء منها، فلم تعد صالحة لحمل الماء.


الصفحة التالية
Icon