الْقسم الأول
فَضَائِل الْقُرْآن
فَإِن الْعَاقِل عَن الله عز وَجل بدلائل الْكتاب مستبصر وبحبله من كل هلكة معتصم ولربه بتلاوته فِي الخلوات مناج لِأَنَّهُ بنجاة نَفسه مهتم فَفَزعَ إِلَى فهم كَلَام الرب جلّ وَعز ليحيي بِهِ قلبه وينجو بِهِ من عِقَابه فِي يَوْم ينْدَم فِيهِ الغافلون وينحسر فِيهِ المبطلون فَكفى بِكِتَاب الله عز وَجل عَن غيب الْآخِرَة مخبرا وببصائره للعوام موضحا لِأَن من فهم عَن الله عز وَجل ذاق طعم حلاوته وخالط فهمه لَذَّة مناجاته إِذْ عرف من تحاوره فعقل عَن الله عز وَجل مَا بِهِ خاطبه فاتخذه معَاذًا فسكن إِلَى الله جلّ وَعز وَأنس بِهِ من كل وَحْشَة فَلم يُؤثر شَيْئا عَلَيْهِ فَكَانَ لِلْمُتقين الماضين قبله فِي الدُّنْيَا خلفا وللآخرين المريدين من بعده سلفا فَتدبر الْقُرْآن أَيَّام حَيَاته فَصَارَ الله جلّ وَعز بِهِ مستفيدا لِأَنَّهُ الدَّلِيل الْهَادِي للعباد قبل نزُول الْمحل وحادي المشتاقين إِلَى جوَار الْكَرِيم