العلق : الدم الجامد. الرُّجعى : الرجوع، المرجع، المصير. أرأيتَ : أخبِرني. لَنسفعاً بالناصية : لنأخذنّ بشعر جبهته، والناصية مقدّم الرأس، وشعرُ مقدم الرأس. النادي : المكان الذي يجتمع فيه القوم. الزبانية : أصل الكلمة الشُّرط، وسُمي بها بعضُ الملائكة لدفعِهم أهلَ النار اليها مفردها زبنىّ. والزّبْنُ : الدفع والضرب.
﴿ اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ.... ﴾
الخطابُ موجَّه الى سيدنا محمد ﷺ، وفيه دعوة الى القراءة والكتابة والعلم.. وهذا هو شِعارُ الاسلام. اقرأ يا محمد ما يوحَى إليك مستعيناً باسمِ ربك الذي خلَق هذا الكونَ العجيب وما فيه.. خلق الانسانَ الكامل الجسم والعلمِ على أحسنِ مثالٍ، ومن عَلَقَةٍ ليست اكثر من دمٍ جامد، ثم كرّمه بأن رفع قدر هذا العلق فجعل منه الانسانَ الذي يعلَم فيتعلم.
ثم كرر الأمر بالقراءة لخُطورتها وأنها لا تُعلم الا بالتكرار فقال :
﴿ اقرأ وَرَبُّكَ الأكرم الذى عَلَّمَ بالقلم عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾
وربُّك اكرمُ لكلِّ من يَرتجي منه العونَ والعطاء. فهو الذي علَّم الخط والكتابة بالقلم، وعلَّم البشَرَ ما لم يكونوا يعرفونه من العِلم والمعرفة، وبذلك نَقَلَهم من ظلمة الجهل الى نور العلم والإيمان.
ان هذه الآياتِ الباهرةَ التي ابتدأ الله تعالى بها كتابَه العظيم لهي أكبرُ دليل على احتفال الإسلام بالعِلم بجميع أنواعه. وقد أخذ بها سلفُنا الصالح، وأمتُنا المهتدون، ونشروا العلم في أرجاء العالم. ونحنُ الآن مدعوون للأخذ بالعلم الصحيح، وتمزيقِ تلك الحجُب التي حجبت عن ابصارنا نورَ العلم، والسيرِ على هدى كتاب الله وسنة رسوله، والجِدِّ في تحصيل العلم حتى نلحقَ بالركب ونشارك في بناء هذه الحضارة مشاركة فعالة. فلا نبقى، كما نحنُ الآن، تابعين خاملين.
بعد أن بيّن لنا الله تعالى طريقَ الهدى والخير أخبر عن سبب بطَرِ الانسان وطغيانه فقال :
﴿ كَلاَّ إِنَّ الإنسان ليطغى أَن رَّآهُ استغنى إِنَّ إلى رَبِّكَ الرجعى ﴾.
حقاً إن الانسان لَيتجاوز الحد في الطغيان، ويستكبر ويتجبرُ، عندما يرى نفسه غنياً ذا ثروة طائلة ومالٍ كثير.
وليست الثروة مذمومةً في كل حال، فإنْ كان الانسان مؤمناً تقيا وآتاه الله مالاً كثيرا وقام بحقّه - فإن ذلك خيْرٌ وأبقى، يعمُّ نفعُه ويرضى الله عنه ورسوله.
ثم حذّر من الطغيان. وتوعّد أولئك الأشرارَ اصحابَ الاموال الذين يتكبرون ويتجبرون فقال :
﴿ إِنَّ إلى رَبِّكَ الرجعى ﴾
ان المرجعَ والمصير الى الله وحده، فهو مالكُ الأمور، والمتصرف في هذا الكون. وبعد ذلك ضَرب الله لنا مثلا من أمثلة الطغيان، وذكَره على طريقة الاستغراب والتعجيب. ثم أعقبَ ذِكره بالوعيد والتهديد فقالك
﴿ أَرَأَيْتَ الذي ينهى عَبْداً إِذَا صلى ﴾
أأبصرتَ يا محمد هذا الطاغي الذي ينهى الناس عن الصلاة، ويحُول دون عبادة الله!
﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ على الهدى أَوْ أَمَرَ بالتقوى ﴾
أخبِرْني عن حاله ان كان ذلك الطاغي على الهُدى أو أمر بالتقوى فكان نهيُه عن الصلاة! أفما كان ذلك خيراً له وأفضل؟؟
﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وتولى أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ الله يرى ﴾
اخبرني عن حال هذا الطاغي إن كذّب بما جاء به الرسول، وأعرضَ عن الايمان.