القول في تأويل قوله: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (١٣٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن يشأ الله، أيها الناس، ="يذهبكم"، أي: يذهبكم بإهلاككم وإفنائكم="ويأت بآخرين"، يقول: ويأت بناس آخرين غيركم لمؤازرة نبيه محمد ﷺ ونصرته="وكان الله على ذلك قديرًا"، يقول: وكان الله على إهلاككم وإفنائكم واستبدال آخرين غيركم بكم="قديرًا"، يعني: ذا قدرة على ذلك. (١)
* * *
وإنما وبخ جل ثناؤه بهذه الآيات، الخائنين الذين خانوا الدِّرع التي وصفنا شأنها، الذين ذكرهم الله في قوله: (وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) [سورة النساء: ١٠٥] = وحذر أصحاب محمد ﷺ أن يكونوا مثلهم، وأن يفعلوا فعل المرتدِّ منهم في ارتداده ولحاقه بالمشركين = وعرَّفهم أن من فعل فعله منهم، فلن يضر إلا نفسه، ولن يوبق برِدَّته غير نفسه، لأنه المحتاج -مع جميع ما في السموات وما في الأرض- إلى الله، والله الغني عنهم. ثم توعَّدهم في قوله:"إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين"، بالهلاك والاستئصال، إن هم فعلوا فعل ابن أبيرق طُعْمة المرتدِّ (٢) = وباستبدال آخرين غيرهم بهم، لنصرة نبيه محمد ﷺ وصحبته ومؤازرته على دينه، كما قال في الآية الأخرى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)، [سورة محمد: ٣٨].
(٢) "طعمة" هو اسم"ابن أبيرق" كما سلف في الأثر رقم: ١٠٤١٦.