المجلد الثاني
سورة الأعراف
...

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الأعراف
قوله تعالى: ﴿فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ الآية، قال مجاهد، وقتادة، والسدي: ﴿حَرَجٌ﴾ أي شك، أي: لا يكن في صدرك شك في كون هذا القرآن حقاً، وعلى هذا القول فالآية، كقوله تعالى: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [٢/١٤٧]، وقوله: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [٣/٦٠]، ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [١٠/٩٤].
والممتري: هو الشاك؛ لأنه مفتعل من المرية وهي الشك، وعلى هذا القول فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
والمراد: نهي غيره عن الشك في القرآن، كقول الراجز: "الرجز"
إياك أعني واسمعي يا جارة
وكقوله تعالى: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً﴾ [٧٦/٢٤]، وقوله: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [٣٩/٦٥]، وقوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ الآية [٢/١٢٠ و١٤٥] و [١٣/٣٧].
ومعلوم أنه ﷺ لا يفعل شيئاً من ذلك، ولكن الله يخاطبه ليوجه الخطاب إلى غيره في ضمن خطابه صلى الله عليه وسلم.
وجمهور العلماء: على أن المراد بالحرج في الآية الضيق. أي: لا يكن في صدرك ضيق عن تبليغ ما أمرت به لشدة تكذيبهم لك؛ لأن تحمل عدواة الكفار، والتعرض لبطشهم مما يضيق به الصدر، وكذلك تكذيبهم له ﷺ مع وضوح صدقه بالمعجزات الباهرات مما يضيق به الصدر. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة"، أخرجه مسلم. والثلغ: الشدخ وقيل ضرب الرطب باليابس حتى ينشدخ، وهذا البطش مما


الصفحة التالية
Icon