المجلد الرابع
سورة طه
...

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة طه
﴿طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾
قوله تعالى: ﴿طه﴾. أظهر الأقوال فيه عندي ـ أنه من الحروف المقطّعة في أوائل السُّوَر، ويدل لذلك أن الطاء والهاء المذكورتين في فاتحة هذه السورة، جاءتا في مواضع أخر لا نزاع فيها في أنهما من الحروف المقطّعة، أما الطاء ففي فاتحة "الشعراء" ﴿طسم﴾ وفاتحة "النمل" ﴿طس﴾. وفاتحة "القصص" وأَمَّا الهاء ففي فاتحة "مريم" في قوله تعالى: ﴿كهيعص﴾ وقد قدمنا الكلام مُسْتوفي على الحروف المقطّعة في أول سورة "هود" وخير ما يفسَّر به القرآن القرآن.
وقال بعض أهل العلم: "قوله ﴿طه﴾ : معناه يا رجل، قالوا: وهي لغة بني عك بن عدنان، وبني عكل، قالوا: لو قُلتَ لرجل من بني عك: يا رجل، لم يَفهم أَنك تناديه حتى تقول طه، ومنه قول متمم بن نويرة التميمي:
دَعَوت بطه في القتال فلم يجب فخفت عليه أن يكون موائلا
ويروى مزايلاً، وقال عبد الله بن عمرو: "معنى (طه) بلغة عك يا حبيبي"، ذكره الغزنوي. وقال قطرب: هو بلغة طيىء، وأنشد ليزيد بن المهلهل.
إن للسفاهة طه في شمائلكم لا بارك الله في القوم الملاعين
ويروى:
إن السفاهه طه من خلائقكم لا قدَّس الله أرواح الملاعين
وممن روي عنه أن معنى "طه" : يا رجل، ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء، ومحمد بن كعب، وأبو مالك، وعطية العوفي، والحسن، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن أبزى، وغيرهم، كما نقله عنهم ابن كثير وغيره. وذكر القاضي عياض في الشفاء عن الربيع بن أنس، قال: كان النَّبي ﷺ إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله ﴿طه﴾ يعني طأ الأرض بقدميك يا محمد. وعلى هذا القول فالهاء مبدلة من الهمزة، والهمزة حففت بإبدالها أن ألفاً كقول في الفرزدق:


الصفحة التالية
Icon