بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المؤمنون
قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾.
ذكر جل وعلا في هذه الآيات التي ابتدأ بها أول هذه السورة علامات المؤمنين المفلحين فقال ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ١] أي فازوا وظفروا بخير الدنيا والآخرة.
وفلاح المؤمنين مذكور ذكراً كثيراً في القرآن كقوله ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً﴾ [الأحزاب: ٤٧] وقوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٢] أصل الخشوع: السكون، والطمأنينة، والانخفاض ومنه قول نابغة ذبيان:
رماد ككحل العين لأياً أبينه ونؤى كجذم الحوض أثلم خاشع
وهو في الشرع: خشية من الله تكون في القلب، فتظهر آثارها على الجوارح.
وقد عد الله الخشوع من صفات الذين أعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً في قوله في الأحزاب ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾ إلى قوله: ﴿عَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ [الأحزاب: ٢٥].
وقد عد الخشوع في الصلاة هنا من صفات المؤمنين المفلحين، الذين يرثون الفردوس، وبين أن من لم يتصف بهذا الخشوع تصعب عليه الصلاة في قوله: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٥] وقد استدل جماعة من أهل العلم بقوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ على أن من خشوع المصلي: أن يكون نظره في صلاته إلى موضع سجوده، قالوا: كان النَّبي ﷺ ينظر إلى السماء في الصلاة، فأنزل الله ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ فجعل رسول الله ﷺ ينظر حيث يسجد.
وقال صاحب الدر المنثور: وأخرج ابن مردويه، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة أن النَّبي ﷺ كان إذا صلى رفع بصره إلى


الصفحة التالية
Icon