بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الروم
قوله تعالى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ َ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾، مصدر مؤكّد لنفسه، لأن قوله قبله: ﴿وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ إلى قوله: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * ِنَصْرِ اللَّهِ﴾، هو نفس الوعد كما لا يخفى، أي: وعد اللَّه ذلك وعدًا.
وقد ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أربعة أمور:
الأول : أنه لا يخلف وعده.
والثاني : أن أكثر الناس وهم الكفار لا يعلمون.
والثالث : أنهم يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا.
والرابع : أنهم غافلون عن الآخرة. وهذه الأمور الأربعة جاءت موضحة في غير هذا الموضع.
أمّا الأول منها: وهو كونه لا يخلف وعده، فقد جاء في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾. وقد بيَّن تعالى أن وعيده للكفار لا يخلف أيضًا في آيات من كتابه؛ كقوله تعالى: ﴿قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾.
والتحقيق: أن القول الذي لا يبدّل لديه في هذه الآية الكريمة، هو وعيده للكفار.
وكقوله تعالى: ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾، وقوله: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾، فقوله: ﴿حَقّ﴾ في هاتين الآيتين، أي: وجب وثبت، فلا يمكن تخلفه بحال.


الصفحة التالية
Icon