بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الرحمن:
قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾.
قال بعض أهل العلم: نزلت هذه الآية لما تجاهل الكفار الرحمن جل وعلا، كما ذكره الله عنهم في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان: ٦٠]، كما تقدم في الفرقان.
وقد قدمنا معنى الرحمن وأدلته من الآيات في أول سورة الفاتحة.
قوله تعالى: ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾. أي علم نبيه ﷺ القرآن فتلقته أمته عنه، وهذه الآية الكريمة تتضمن رد الله على الكفار في قولهم إنه تعلم هذا القرآن من بشر كما تقدم في قوله: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل: ١٠٣]، وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ [المدثر: ٢٤] أي يرويه محمد عن غيره.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً، وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ [الفرقان: ٤-٥].
فقوله تعالى هنا: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ أي ليس الأمر كما ذكرتم من أنه تعلم القرآن من بشر، بل الرحمن جل وعلا هو الذي علمه إياه، والآيات الدالة على هذا كثيرة جدا، كقوله تعالى: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الفرقان: ٦]، وقوله تعالى: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: ١]، وقوله تعالى: ﴿حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ [فصلت: ١-٤] وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى


الصفحة التالية
Icon