بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الممتحنة
قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾
نهى تعالى المؤمنين عن اتخاذ العدو المشترك أولياء ولفظ العدو مفرد ويطلق على الفرد والجماعة
ومن إطلاقه على الفرد قوله تعالى ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ﴾ [٢٠/١١٧]، يعني بالعدو إبليس
ومن إطلاقه على الجمع قوله تعالى ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ [١٨/٥٠]، والمراد هنا الجمع لما في السياق من القرائن منها قوله ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ بالجمع ومنها ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾، وهو ضمير جمع ومنها ﴿وَقَدْ كَفَرُوا﴾ بواو الجمع ومنها ﴿يُخْرِجُونَ﴾ أيضا بالجمع وقوله بعدها ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا﴾ [٦٠/٢]، وكلها بضمائر الجمع
أما العدو المراد هنا فقد عم وخص في وصفه فوصفه أولا بقوله ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِما جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾، وخص بوصفه ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ﴾ والوصف بالكفر يشمل الجميع فيكون ذكرهما معا للتأكيد والاهتمام بالخاص كقوله تعالى ﴿مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ﴾ [٢/٩٨]، نفي ذكر الخاص هنا وهو وصف العدو بإخراج الرسول والمؤمنين للتهييج على من أخرجوهم من ديارهم كقوله ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ [٢/١٩١].
وقد بين تعالى المراد بالذين أخرجوا الرسول والمؤمنين في عدة مواضع منها قوله تعالى ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ [٤٧/١٣]، أي مكة ومنها قوله ﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغَارِ﴾


الصفحة التالية
Icon