بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الحاقة
قوله تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ﴾ ﴿مَا الْحَاقَّةُ﴾.
﴿الحاقة﴾ من أسماء القيامة وجاء بعدها ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ﴾ [٦٩/٤]، وهي من أسماء القيامة أيضا كما قال تعالى ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ الآية [١٠١/٣-٤].
سميت بالحاقة لأنه يحق فيها وعد الله بالبعث والجزاء وسميت بالقارعة لأنها تقرع القلوب بهولها ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾ ٢٢/٢].
كما سميت ﴿الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ [٥٦/١-٢]
قوله تعالى ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥] والطاغية فاعلة من الطغيان وهو مجاوزة الحد مطلقا كقوله ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ﴾ [٦٩/١١]
وقوله ﴿إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ [٩٦/٦]
وقد اختلف في معنى الطغيان هنا فقال قوم طاغية عاقر الناقة كما في قوله تعالى ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾ [٩١/١١-١٢] فتكون الباء سببية أي بسبب طاغيتها وقيل الطاغية الصيحة الشديدة التي أهلكتهم بدليل قوله تعالى ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ [٥٤/٣١] فتكون الباء آلية كقولك كتبت بالقلم وقطعت بالسكين.
والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني لقوله تعالى ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ [٥١/٤٤]. قيل لا مانع من إرادة المعنيين لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيدا ويشير إليه قوله تعالى ﴿فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾


الصفحة التالية
Icon