بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الشمس
قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: ١-١٠].
في تلك الآيات العشر يقسم الله تعالى سبع مرات بسبع آيات كونية هي الشمس، والقمر والليل، والنهار، والسماء، والأرض، والنفس البشرية، مع حالة لكل مقسم به، وذلك على شيء واحد، وهو فلاح من زكى تلك النفس وخيبة من دساها، ومع كل آية جاء القسم بها توجيها إلى أثرها العظيم المشاهد الملموس، الدال على القدرة الباهرة.
وذلك كالآتي أولا: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ فالشمس وحدها آية دالة على قدرة خالقها، لما فيها من طاقة حرارية في ذاتها تفوق كل تقدير وهي على الزمان بدون انتقاص فهي في ذاتها آية.
ثم جاء وصف أثرها وهو: ﴿ضُحَاهَا﴾، وهو انتشار ضوئها ضحوة النهار وهذا وحده آية لأنه نتيجة لحركتها وحركتها آية من آيات الله كما قال تعالى ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [٣٦/٣٧/٣٨]، وهي الآية التي حاج بها إبراهيم عليه السلام نمروذ في قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ [٢/٢٥٨].
ففي هذا السير قدرة باهرة ودقة متناهية ﴿وَضُحَاهَا﴾ : نتيجة لهذا السير، ثم ﴿ضُحَاهَا﴾ نعم جزيلة على الكون كله، من انتشار في الأرض وانتفاع بضوئها وأشعتها.
وقد قالوا لو اقتربت درجة أو ارتفعت درجة لما استطاع أحد أن ينتفع منها بشيء لأنها تحرق باقترابها ويتجمد العالم من بعدها ذلك تقدير العزيز العليم.


الصفحة التالية
Icon