سورة النصر
قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾.
فيه ذكر النصر والفتح مع أن كلا منهما مرتبط بالآخر فمع كل نصر فتح ومع كل فتح نصر.
فهل هما متلازمان أم لا؟
كما جاء النصر مضافا إلى الله تعالى والفتح مطلقا.
أولا اتفقوا على نزول هذه السورة بعد فتح مكة ومعلوم أنه سبق فتح مكة عدة فتوحات.
منها فتح خيبر ومنها صلح الحديبية سماه الله تعالى فتحا في قوله: ﴿فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً﴾ [الفتح: ٢٧].
والنصر يكون في معارك القتال ويكون بالحجة والسلطان ويكون بكف العدو كما في الأحزاب ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً﴾ [الأحزاب: ٢٥].
وكما في اليهود قوله: ﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً﴾ [الأحزاب: ٢٦-٢٧].
فالنصر حق من الله ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [آل عمران: ١٢٦].
وقد علم المسلمون ذلك كما جاء في قوله تعالى: ﴿مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢١٤] فهم يتطلعون إلى النصر.


الصفحة التالية
Icon