المجلد الخامس
سورة النساء
...
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة النساءمقدمة السورة
وهي مدنية إلا آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح في عثمان بن طلحة الحجبي وهي قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ على ما يأتي بيانه. قال النقاش: وقيل: نزلت عند هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة. وقد قال بعض الناس: إن قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ حيث وقع إنما هو مكي؛ وقاله علقمة وغيره، فيشبه أن يكون صدر السورة مكيا، وما نزل بعد الهجرة فإنما هو مدني. وقال النحاس: هذه السورة مكية.
قلت: والصحيح الأول، فإن في صحيح البخاري عن عائشة أنها قالت: ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تعني قد بنى بها. ولا خلاف بين العلماء أن النبي ﷺ إنما بنى بعائشة بالمدينة. ومن تبين أحكامها علم أنها مدنية لا شك فيها. وأما من قال: إن قوله. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ مكي حيث وقع فليس بصحيح؛ فإن البقرة مدنية وفيها قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ في موضعين، وقد تقدم. والله أعلم
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾
فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾ قد مضى في " البقرة " اشتقاق " الناس " ومعنى التقوى والرب والخلق والزوج والبث، فلا معنى للإعادة.