القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا﴾
قال أبو جعفر: وهذا بيان من الله عز ذكره عن حكم"الفساد في الأرض"، الذي ذكره في قوله:"من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض"= أعلم عباده: ما الذي يستحق المفسدُ في الأرض من العقوبة والنكال، فقال تبارك وتعالى: لا جزاء له في الدنيا إلا القتلُ، والصلب، وقطعُ اليد والرِّجل من خلافٍ، أو النفي من الأرضِ، خزيًا لهم. وأما في الآخرة إن لم يتبْ في الدنيا، فعذاب عظيم.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت هذه الآية.
فقال بعضهم: نزلت في قوم مِن أهل الكتاب كانوا أهل مودَاعةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقضوا العهد، وأفسدوا في الأرض، فعرَّف الله نبيَّه ﷺ الحكمَ فيهم.
ذكر من قال ذلك:
١١٨٠٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا"، قال: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي ﷺ عهدٌ وميثاق، فنقضوا العهدَ وأفسدوا في الأرض، فخيَّرَ الله رسوله: إن شاء أن يقتل، وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خِلافٍ.
١١٨٠٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك قال: كان قوم بينهم وبين رسول الله ﷺ ميثاقٌ، فنقضوا العهد وقطعوا السبيل، وأفسدوا في الأرض، فخيَّر الله جل


الصفحة التالية
Icon