القول في تأويل قوله: ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان وأكل الرشى في الحكم، من اليهود من بني إسرائيل، (١) ربانيوهم= وهم أئمتهم المؤمنون، وساستهم العلماء بسياستهم (٢) = وأحبارهم، وهم علماؤهم وقوادهم (٣) ="عن قولهم الإثم" يعني: عن قول الكذب والزور، وذلك أنهم كانوا يحكمون فيهم بغير حكم الله، ويكتبون كتبًا بأيديهم ثم يقولون:"هذا من حكم الله، وهذا من كتبه". يقول الله: (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [سورة البقرة: ٧٩].
* * *
وأما قوله:"وأكلهم السحت"، فإنه يعني به الرشوة التي كانوا يأخذونها على حكمهم بغير كتاب الله لمن حكموا له به.
* * *
وقد بينا معنى"الربانيين" و"الأحبار" ومعنى"السحت"، بشواهد ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)
* * *
="لبئس ما كانوا يصنعون"، وهذا قسم من الله أقسم به، يقول تعالى ذكره: أقسم: لبئس الصنيع كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار، في تركهم نهيَ الذين يسارعون منهم في الإثم والعدوان وأكل السحت، عما كانوا يفعلون من ذلك.
* * *

(١) انظر تفسير"لولا" بمعنى: "هلا"، فيما سلف ٢: ٥٥٢، ٥٥٣.
(٢) انظر تفسير"الربانيون" فيما سلف ٥: ٥٤٠- ٥٤٤/١٠: ٣٤١- ٣٤٣
(٣) انظر تفسير"الأحبار" فيما سلف ٦: ٥٤٣، ٥٤٤/١٠: ٣٤١- ٣٤٣
(٤) انظر التعليقات السالفة قريبًا.


الصفحة التالية
Icon