القول في تأويل قوله: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للقوم الذين قالوا= إذْ أنزل الله تحريم الخمر بقوله:"إنما الخمرُ والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه": كيفَ بمن هلك من إخواننا وهم يشربونها؟ وبنا وقد كنّا نشربها؟ = ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات منكم حرج فيما شربوا من ذلك، في الحال التي لم يكن الله تعالى حرَّمه عليهم (١) ="إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات"، يقول: إذا ما اتقى الله الأحياءُ منهم فخافوه، وراقبوه في اجتنابهم ما حرَّم عليهم منه، (٢) وصدَّقوا الله ورسوله فيما أمراهم ونهياهم، فأطاعوهما في ذلك كله="وعملوا الصالحات"، يقول: واكتسبوا من الأعمال ما يرضاه الله في ذلك مما كلفهم بذلك ربُّهم (٣) ="ثم اتقوا وآمنوا"، يقول: ثم خافوا الله وراقبوه باجتنابهم محارِمه بعد ذلك التكليف أيضًا، فثبتوا على اتقاء الله في ذلك والإيمان به، ولم يغيِّروا ولم يبدِّلوا="ثم اتقوا وأحسنوا"، يقول: ثم خافوا الله، فدعاهم خوفُهم الله إلى الإحسان، وذلك"الإحسان"، هو العمل بما لم يفرضه عليهم من الأعمال، ولكنه نوافلُ تقرَّبوا بها إلى رّبهم طلبَ رِضاه، وهربًا من عقابه (٤) ="والله يحب المحسنين"، يقول: والله يحب المتقرِّبين إليه بنوافل الأعمال التي يرضاها.
(٢) انظر تفسير"اتقى" فيما سلف من فهارس اللغة (وقى).
(٣) انظر تفسير"الصالحات" فيما سلف من فهارس اللغة (صلح).
(٤) انظر تفسير"الإحسان" فيما سلف: ٥١٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.