سورة التوبة
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٤
براءة} أي عظيمة، ثم وصفها بقوله :﴿من﴾ أي حاصلة واصلة من ﴿الله﴾ المحيط بصفات الكمال، فهو العالم بمن يستحق الولاية ومن يستحق البراءة ﴿ورسوله﴾ أى المتابع لمر لعلمه به.
ولما كانوا قد توقفوا في الحديبة كلهم أو كثير منهم تارة في نفس العهد وتارة في التأخر عن الأمر بالحلق، ثم تابعوا في كل منهما، وكان الكفار بمحل البعد عن كل خير، أشار إلى ذلك بأداة الغاية، وجعل الرسول ﷺ مع الله إشارة إلى أنه لا يخالفه أصلاً، وأسندت المعاهدة إليهم إشارة إلى ذلك التوقف تحذيراً من أن يقع مثله، فقال مخبراً عن النبذ الموصوف :﴿إلى الذين عاهدتم﴾ أي أوقعتم العهد بينكم وبينهم ﴿من المشركين*﴾ أي وإن كانت معاهدتكم لهم إنما كانت بإذن من الله ورسوله، فكما فعلتم المعاهدة بإذنهما فافعلوا النقض تبعاً لهما، ودل سياق الكلام وما حواه من بديع الانتظام ان العهد إنما هو لأجل المؤمنين، وأما الله ورسوله لأنه ما فعل ذلك به إلا وهو قادر على نصره بسبب وبغير سبب، وعلم أن ذلك فيمن نقض أو قارب من قوله بعد ﴿الاالذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقضوكم شيئاً﴾ -الآية ؛ قال البغوي : لما خرج رسو الله ﷺ إلى تبوك كان المنافقون يرجفون الأراجيف، وجعل المشركون ينقضون عهوداً كانت بينهم وبين رسول الله صبى الله عليه وسلم، فأمر الله بنقض عهودهم وذلك قوله تعالى ﴿وإماتخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم﴾ الأنفال : ٥٨] انتهى.
وذكر ذلك ابن غسحاق وغيره، ولعله اطلق هنا ولم يقيد ممن خيخ نقضه ليكون ذلك اول السورة مؤذناً بان الخيانة وهو النقض سأن أكثرهم ولا سيما مشركو قريش، وهم - لكون قريش رؤوس
٢٦١


الصفحة التالية
Icon