سورة التكاثر
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥١٥
ولما أثبت في القارعة أمر الساعة، وقسم الناس فيها إلى شقي وسعيد، وختم بالشقي، افتتح هذه بعلة الشقاوة ومبدأ الحشر لينزجر السامع عن هذا السبب ليكون من القسم الأول، فقال ما حاصله : انقسمتم فكان قسم منكم هالكاً لأنه ﴿ألهكم﴾ أي أغفلكم إلا النادر منكم غفلة عظيمة عن الموت الذي هو وحده كاف في البعث على الزهد فكيف بما بعده ﴿التكاثر *﴾ وهو المباهاة والمفاخرة بكثرة الأعراض الفانية من متاع الدنيا : المال والجاه والبنين ونحوها مما هو شاغل عن الله، فكان ذلك موجباً لصرف الهمة كلها إلى الجمع، فصرفكم ذلك إلى اللهو، فأغفلكم عما أمامكم من الآخرة والدين الحق وعن ذكر ربكم وعن كل ما ينجيكم من سخطه، أو عن المنافسة في الأعمال الموصلة إلى أعلى الدرجات بكثرة الطاعات، وذلك كله لأنكم لا تسلمون بما غلب عليكم من الجهل الذي سببه شهوة النفس وحب اراحة فخفت موازينكم، وحذف هذا الشيء الملهو عنه لتعظيمه والدلالة على أنه ليس غيره مما يؤسف على اللهو عنه.
٥١٦