سورة الماعون
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٤٠
لما أخبر سبحانه وتعالى عن فعله معهم من الانتقام ممن تعدى حدوده فيهم، ومن الرفق بهم بما هو غاية في الحكمة، فكان معرفاً بأن فاعله لا يترك الناس سدى من غير جزاء، وأمرهم آخر قريش بشكر نعمته فإفرلاده بالعبادة، عرفهم أول هذه أن ذلك لا يتهيأ إلا بالتصديق بالجزاء الحامل على معالي الأخلاق الناهي عن مساوئها، وعجب ممن يكذب بالجزاء مع وضوح الدلالة عليه بحمة الحكيم، ووصف المكذب به بأوصاف هم منها في غاية النفرة، وصوّره بأشنع صورة بعثاً لهم على التصديق وزجراً عن التكذيب، فقال خاصاً بالخطاب رأس الأمة إشارة إلى أنه لا يفهم هذا الأمر حق فهمه غيره :﴿أرأيت﴾ أي أخبرني يا أكمل الخلق ﴿الذي يكذب﴾ أي يوقع التكذيب لمن يخبره كائناً من كان ﴿بالدين *﴾ أي الجزائي الذي يكون يوم البعث الذي هو محط الحكمة وهو غاية الدين التكليفي الآمر بمعالي الأخلاق الناهي عن سيئها، ومن كذب
٥٤١
بأحدهما كذب بالآخر : ولما كان فعل الرؤية بمعنى أخبرني، المتعدي إلى مفعولين، كان تقدير المفعول الثاني : أليس جديراً بالانتقام منه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٤١


الصفحة التالية
Icon